للمرأة عبر التاريخ صوت آخر غير الصوت المبحوح الباكي . لقد كانت المرأة عبر التاريخ رمزا للمقاومة والرفض وحب الحياة . فالمرأة الإغريقية كانت مثالا للمقاومة ورفض الموت وحب الحياة والمرأة الروسية كانت رمزا للحرية في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية والمرأة العربية كانت مثالا للشهامة والنبالة والأمر برمته ينطبق على اليابانية والصينية والتركية والسورية والأوروبية والأمريكية . هناك مصطلح دخل عالم السياسة والمفاوضات war’s unwomanly face فقد استعار القاموس السياسي عبارة وصف فيها الحرب بأن وجهها غير نسائي . لا يمكن أن ينسى الإنسان عبارة هيكابي لطفلها بعد تهدم المملكة حين سألها : ” ماذا تفعلين يا أماه ؟ ” أجابته: ” أفلح الأرض لنزرع البصل.” كانت زراعة هيكابي للبصل رمزية لأنها كامرأة تريد أن تزرع الحياة وما المرأة الفلسطينية إلا رمزا آخر للمقاومة العنيدة والتشبث بالأرض إلى غير رجعة والمحافظة على استمرار النسل الفلسطيني عبر تهريب نطاف الأسرى وزرعها في الأرحام سرا إلا مثال آخر على مقاومة الاحتلال . لقد أرخ التاريخ لمقاومة المرأة منذ البدء وحتى الآن . يخاطبنا الكورس، في مسرحية “نساء طروادة” ليوربيديس، عن الرعب الناجم عن الحرب. كلماتهن وإيماءاتهن ودموعهن، تبين لنا بكل جلاء أن الحرب شيء مدمر و مؤسف ومأساوي.
وبعد قتال استمر عشر سنوات، سقطت مدينة طروادة في قبضة الإغريق، ولم تنج من الموت سوى النساء. لقد بين لنا يوريبيديس بدون أدنى شك، أن الذين يقاسون الأمرين من ويلات الحروب أكثر من غيرهم، هم الأبرياء الذين لا حيلة لهم في الأمر.
تعد مسرحية “نساء طروادة”، صوت احتجاج صارخ رافض للحرب والقتل والعنف بالغ الحساسية ارتفع عاليا منذ مئات من القرون الماضية ، صوت احتجاج رائع ندر وجوده قديما أو حديثا، في أي زمان أو مكان. بالرغم من أنه إغريقي، إلا أنه كان يقف في صف ضحايا الإغريق.
كاساندرا، أصغر بنات الملكة هيكابي ، بات اسمها مرادفا لكل شخص متشائم، يتوقع الخراب والدمار، لكنه لا يؤمن به. في المسرحية، تنبأت كاساندرا، بالكوارث والمصائب التي سوف تصيب عائلة ملك الإغريق أجاممنون.
ظهرت هذه الكوارث أيضا في أعمال تراجيديا إغريقية أخرى. مثل تراجيديا “ثلاثية أوريستيان” لإسخيليوس، وتراجيديا “إفيجينيا” ليوريبيديس، مؤلف مسرحية “نساء طروادة” التي نتحدث عنها هنا. لقد بدا يوريبيديس في هذا العمل و شغوفا بقصة دمار طروادة ومصير الذين نجوا من الموت والخراب بعد الحرب كما صور قدرة المرأة على بث الأمل ومقاومة الخوف.
نساء طروادة بلغة مبسطة
أبطال المسرحية
هيكابي ، ملكة طروادة
كاساندرا، ابنة هيكابي
أندروماكا ، زوجة ابن هيكابي
أستياناكس، حفيد هيكابي
تالثيبيوس، رسول الإغريق
رئيسة الكورس، امرأة من نساء طروادة
الكورس، مكون من نساء طروادة
جنود
***
هيكابي: ارفعي، ارفعي، أيتها النفس البائسة رأسك عاليا، ولا تنكسيها إلى الأرض. واجهي الحقيقة واعترفي أن طروادة لم يعد لها وجود، وأن أسرة طروادة الملكية، صارت منكوبة. الحظ متقلب، فتجلدي وتحلي بالشجاعة.
يجب أن أسبح مع التيار في اتجاه رياح القدر. واحسرتاه، أنا أبكي. لكن، لماذا لا أبكي في محنتي وبؤسي؟ لقد ضاع وطني. وراحت أطفالي وفقد زوجي. كيف تستطيع هذه الأرض القلقة، حمل أحمالي الثقيلة؟ آه، أيتها السفن الإغريقية. يا من عبرتم عباب المالح القرمزي، وفي خليج طروادة ألقيتم مراسيكم. حالا سوف تحملونني إلى العبودية. نعم، امرأة عجوز مثلي. آه، يا نساء طروادة، دعونا نبكي معا.
باتت مدينة طروادة خرائب متناثرة، أبدا لن تبعث من جديد. سأقودكن، يا نساء طروادة، وأنتن ترتلن لحن الأسى والأسف. آه، كم اختلفت أغنياتي الآن عن ذي قبل. بعد أن كنت أغني للآلهة أغنيات جميلة جذلة، وأعطي شارة البدء للراقصات لتمجيدهم.
(تدخل رئيسة الكورس)
رئيسة الكورس: هيكابي! سمعت رثاءك الحزين، يتردد عبر الخيام. الخوف من العبودية يجعل نساء طروادة ترتعد فرقا. لماذا النواح بمرارة؟ هل اقترب أجل إحدانا؟
هيكابي: يا بنتي، مجاديف بحارة الإغريق تعكر صفو النهر.
رئيسة الكورس: واحسرتاه على نفسي! ماذا تقصدين بذلك؟ هل تقصدين أنه قد حان الوقت، لكي تحملني السفن بعيدا عن وطني؟
هيكابي: لا أدري، ولكنني أتوقع الأسوأ.
رئيسة الكورس: يا نساء طروادة الحزينات، تعالين واسمعن خبر موتكن. أخرجن من الخيام. الإغريق يستعدون للإبحار والعودة إلى بلادهم.
هيكابي: من فضلك، لا تخرجي المتوترة كاساندرا من خيمتها، حتى لا تلقى المزيد من صلف وإهانات الإغريق. من فضلك، لا تضيفي حزنا إلى حزن. يا مدينة طروادة، يا ذات الحظ العاثر، هذه هي نهايتك. حظ عاثر لمن تسبب في هزيمتك، سواء كان حيا أو ميتا.
(تدخل بنات الكورس)
الكورس: نحن، بالخوف والرعب نترك خيامنا لكي نستمع إلى ما تقولين. أيتها الملكة، هل أخذ الإغريق قرارهم وبان عزمهم؟ وهل يعني هذا موتنا، أم يعني أن الإغريق فقط يعدون مجاديفهم للعودة؟
هيكابي: يا أولادي، أنا هنا منذ انبلاج الفجر، قلبي يتمزق وأعاني من الفزع والإغماء.
الكورس: هل جاء رسول الإغريق الآن؟
هيكابي: ساعة توزيع الحصص تبدو أنها اقتربت.
الكورس: أيتها الملكة هيكابي، إلى أي الجزر سيأخذوننا؟ التعساء منا هن اللاتي يرسلن بعيدا عن مدينتنا طروادة.
هيكابي: واحسرتاه على نفسي! أي جارية تعسة سوف أمسي؟ وعلى أي أرض سوف تكدح هذه المرأة العجوز، عديمة الفائدة كالأزيز، واهنة كالخيال. هل ستقف على العتبات لكي تحرس الأبواب، أم تصير مربية ترعى الأطفال؟ ما أشقاني! أنا التي كانت طروادة تجلها وتبجلها يوما كملكة للبلاد!
الكورس: واحسرتاه! نحيبك يا له من نحيب بائس!
المرأة 1: لن أقوم بعد اليوم باستخدام نول طروادة.
المرأة 2: لآخر مرة، أقوم بزيارة قبر والدي، آخر مرة.
الكورس: أنظرن، هنا يحضر رسول من جيش الإغريق. فأي الأخبار يحمل؟ وما عساه أن يخبرنا؟ وما أهمية ذلك؟ فما نحن إلا جواري للإغريق!
(يدخل تالثيبيوس الرسول)
تالثيبيوس: هيكابي، تعرفين أنني قمت برحلات عديدة إلى مدينة طروادة كرسول لجيش الإغريق. هذا يجعلني على دراية بموقفك. أنا تالثيبيوس، أعلن هنا آخر الأنباء.
هيكابي: هذا يا نساء طروادة. هذا ما كنت أخشاه منذ البداية.
تالثيبيوس: توزيع الحصص قد حدث بالفعل، إذا كان هذا ما تخشينه.
هيكابي: آه، إلى أين سنذهب؟ وإلى أي مدينة سيرسلوننا؟
تالثيبيوس: كل واحدة منكن بمفردها ستكون من نصيب سيد مختلف.
هيكابي: إذن، من سيحصل على من؟ هل هناك حظ جيد لأي من بنات طروادة؟
تالثيبيوس: نعم، أستطيع أن أخبرك، لكنك يجب أن تعرضي أسئلتك، كل على حدة.
هيكابي: إذن أخبرني، من سيحصل على ابنتي، المسكينة كاساندرا؟
تالثيبيوس: الملك أجاممنون أخذها كجائزة خاصة له.
هيكابي: ماذا؟ لكي تكون جارية لزوجته، كليتيمنسترا؟ آه ما أشقاني!
تالثيبيوس: لا، لكي تكون زوجته أيضا.
هيكابي: آه يا ابنتي يا مسكينة! وماذا عن ابنتي التي أخذتها مني مؤخرا، أين هي؟
تالثيبيوس: تعنين بوليكسينا؟ عن أيهن تسألين؟
هيكابي: عن بوليكسينا أعني. من حصل عليها؟
تالثيبيوس: لقد تقرر أن تخدم ضريح أخيل.
هيكابي: خادمة في قبر؟ ابنتي؟ لكن ما هذه التقاليد الجديدة التي يمارسها الإغريق؟
تالثيبيوس: بارك الله في ابنتك. إنها تستريح جيدا.
هيكابي: ما هذا الكلام؟ أخبرني، هل ترى الشمس؟
تالثيبيوس: إنها في يد القدر. انتهت متاعبها ولم تعد تشعر بالألم.
هيكابي: ثم بخصوص زوجة هكتور، التعيسة أندروماكا، ما حظها هي الأخرى؟
تالثيبيوس: ابن أخيل أخذها هي الأخرى كجائزة خاصة.
هيكابي: وأنا، من سأكون جاريته، هذا الجسد المتهالك الذي يحتاج إلى عكاز، حتى تقوى رجلاه على المشي؟
تالثيبيوس: ملك إيثاكا، أوديسيوس، حصل عليك جارية له.
هيكابي: واحسرتاه على نفسي! سأكون جارية لسيد بغيض، غادر، وغد، عدو العدالة، وحش آدمي، لا يرعى حرمة أو قانونا، غير صادق اللسان، حول كل الصداقات إلى كره وعداوة. يا نساء طروادة، ابكين والطمن وجوهكن من أجلي، سأذهب إلى حتفي. وقع الخراب والشقاء من نصيبي. لقد حلت على تلال التعاسة.
رئيسة الكورس: أيتها الملكة، لقد عرفت قدرك، ولكن من سيكون سيدي أنا؟
تالثيبيوس: أيتها النساء، عليكن بالبحث عن كاساندرا وإحضارها هنا بسرعة. حتى أقوم بتسليمها للملك، ثم العودة لتسليم الأخريات. انتظرن، فأنا أشم رائحة دخان! هل نساء طروادة يقمن بحرق شيء ما؟ هل قمن بإشعال النار داخل الخيام؟ ربما يكون موتهن شئ أفضل بالنسبة لهن، لكن هذا لن يعجب الإغريق، كما أنني لا أريد أن أسبب لنفسي المتاعب.
هيكابي: إنها ليست نارا. ليست كذلك. إنها ابنتي، المضطربة كاساندرا. ها هي تأتي على عجالة.
(تدخل كاساندرا وهي تلوح بعصا يتصاعد منها الدخان)
كاساندرا: انظرن، انظرن، انظرن كيف أضئ السماء بهذه الشعلة. سأتزوج من ملكي. أمي يا مسكينة، قضيتي وقتك كله في البكاء والنواح على أبي المقتول وعلى وطننا العزيز. لذلك، وجب على أن أحمل شعلة زواجي بنفسي. انظري إلى إشعاعها ولمعانها في كل اتجاه. ارفعي القدم عاليا وابدئي الرقص. ليكن يوم فخار، يوما من أيام أبينا الماجدة المليئة بالخير والرخاء. الجوقة الموسيقية المقدسة، يقودها فويبوس في معبده وسط أكاليل الغار. غني يا أمي، غني وارقصي، وفي حلبات الرقص دوري وادخلي واخرجي. راقصيني بقدر حبك لي. ارفعي صوتك بتحية الزفاف، أنا العروس. تمني لي السعادة بالهتاف والغناء.
رئيسة الكورس: هيكابي، ألا تكبحين جماح ابنتك المهووسة هذه؟
هيكابي: أيها الإله هيفاستوس، يا حامل شعلات الزواج للإنسان، لا تكن قاسيا وتشعل هذا اللهب. ما أقسى خيبة أملي في بخت ابنتي. واحسرتاه على ابنتي، المسكينة كاساندرا. لم أكن أتوقع أبدا أبدا أبدا، أن يكون زفافها وسط رماح ونبال الإغريق. أعطني الشعلة كاساندرا. أنت يا ابنتي في تعجلك وانفعالك، لا تحملين الشعلة بثبات. المصائب التي حلت بنا، لم تبق على رجاحة عقلك. يا نساء طروادة، احملن شعلتها. واجعلن دموعكن تنشد أغنية زفافها.
كاساندرا: أمي، توّجي رأسي المنتصرة. ابتهجي لخطوبتي الملكية هذه. الملك أجاممنون سيجدني بين زوجاته، أكثرهن مرارة وكرها له. سوف أقتله وأدمر بيته. سوف أنتقم لأبي ولإخوتي. لكن هذه أمور يمكنها الانتظار. لن أشترك في المناحة التي يسببها زواجي لكم، كما أنني لن أتفوه بالرغبة في قلب نظام حكم أجاممنون. إذا كان لا بد من الحرب، فإن تاج الفخار لأي مدينة، أن تهلك في سبيل غرض نبيل. الغرض غير النبيل يجلب الخزي والعار. لذلك لا تأسفي يا أمي على ما أصاب وطنك. زواجي سيكون الوسيلة لتدمير أسوأ أعدائنا، عدوي وعدوك.
تالثيبيوس: إنه شيء مقبول أن يمزج أبوللو طلاقة لسانك بالجنون. وإلا، كفي الكلام عن رئيس البلاد بهذا السوء، ثمنا باهظا. ولأن بك شيئا من الخبل، سأجعل كلماتك تذهب أدراج الرياح. تعالي معي إلى السفينة، عروس مناسبة لملك عظيم. (يخاطب هيكابي) وأنت، استعدي عندما يأتون لأخذك.
كاساندرا: نعم، دعني أطير إلى مخدع موت عريسي! أين سفينة الملك؟ أين أركب؟ ليس هناك وقت نضيعه. وداعا أمي، لا تبكي. يا وطني العزيز، آه يا إخوتي تحت الثرى، آه يا أبي، لن تنتظروني طويلا. سآتي إلى عالم الموتى، بطلة منتصرة، قامت بتحطيم عرش أجاممنون، الذي تسبب في تحطيم مملكتنا ووطننا.
(تالثيبيوس يقود كاساندرا إلى الخارج. تنهار هيكابي)
رئيسة الكورس: أيتها الممرضات، ألا ترون سقوط هيكابي، مكومة على الأرض فاقدة النطق؟ خذن بيدها، أم تردن ترك المرأة العجوز كي تموت؟
الكورس: ارفعنها من الأرض.
هيكابي: اتركنني. اتركنني، يا بناتي. دعونني أرقد حيث وقعت. لدي سبب مقنع لسقوطي. أحمال ثقيلة علي أن أحملها، فوق ما أحمله من أحمال، وأخرى آتية في المستقبل القريب. آه أيتها الآلهة. إنني استنجد بمن لا يلبون النداء. لكنها العادة أن نتوجه بالدعاء إلى الآلهة حينما يجد الخطب وتحل المصائب. هذه هي أغنيتي الأخيرة. سوف أبدأ بالحمد حتى أستدر منكم العطف والشفقة لمعاناتي.
لقد كنت ملكة. تزوجت في قصر ملك. هناك، أنجبت خير الأبناء، مثلهم لم تنجب امرأة أخرى، لا في طروادة أو في غيرها، بلاد الإغريق أو بلاد البرابرة. أبنائي هؤلاء، رأيتهم يسقطون في المعركة مع الإغريق. أبوهم بريام، لم يخبرني أحد بموته، لأنني رأيته يُقتل بنفسي. لقد رأيت مدينتي وهي تنهب، بناتي وهن يؤخذن مني، ولا أمل في أن أراهن أو يرونني ثانية. ثم تاج البؤس والشقاء، أن أذهب إلى بلاد الإغريق كجارية وأنا عجوز في مثل هذه السن. سوف يجعلونني أقوم بكل الأعمال التي لا تناسب سني. قد أعمل حارسة أبواب، أنا ملكة طروادة. أو أعمل خبازة، ثم أريح ظهري المحني على الأرض الصخرية، أنا التي كنت أنام على أسرة القصر المفروشة بريش النعام. سيلبس جسدي المسكين خرق الخيش الممزقة، بعد أن كان يلبس أفخر الثياب الحريرية المعطرة.
أي امرأة تعيسة أنا؟ وأي مستقبل آمل فيه؟ أه يا ابنتي المسكينة كاساندرا! وأنت يا بوليكسينا ابنتي! أين أنتما؟ لا أحد هنا يساعد أمكما المسكينة. إذن، لماذا ترفعنني بعد سقوطي من الأرض؟ وأي أمل تبقى لي؟ خذنني إلى كهف مهجور، تكون فيه الأحجار وسادتي وفرشي. دعنني ألقي بنفسي على الأرض هناك، وأنهي بقية حياتي البائسة في النحيب والبكاء.
الكورس: نحن نندب ندبا جديدا، أقرب للنحيب والبكاء.
(تدخل أندروماكا وابنها الصغير أستياناس مع جند على جانبي كل منهما)
رئيسة الكورس: هيكابي، أنظري! ها هي تأتي أندروماكا، زوجة ابنك المتوفى، هيكتور، ستذهب إلى بلد غريبة.
الكورس: من يمسك بقميصها هو ابنها أستياناس. أيتها المرأة، قليلة البخت، إلى أين يأخذونك؟
أندروماكا: أسيادي الإغريق يسحبونني، لا أدري إلى أين.
هيكابي: يا لوعتي!
أندروماكا: لماذا تبكين؟ البكاء من واجبي أنا.
هيكابي: واحسرتاه!
أندروماكا: الحزن حزني أنا.
الكورس: واحسرتاه.
أندروماكا: الشقاء شقائي أنا.
هيكابي: يا ابنتي، وزوجة ابني، ولّى المجد وذهبت طروادة.
الكورس: ذهب وذهبت طروادة.
هيكابي: ذهبت الروعة والثراء أدراج الرياح.
أندروماكا: آه، تعال يا زوجي أتوسل إليك.
هيكابي: أنت تنادين من مات.
أندروماكا: تعال وانجد زوجتك.
هيكابي: ما أقسى الحزن الذي نكابده!
أندروماكا: كم هو عظيم اشتياقك إلى المدينة التي فنيت.
الكورس: حزن على حزن يتراكم.
أندروماكا: يا زوجي الحبيب، لقد عانت طروادة من نير العبودية، هذه هي النهاية.
الكورس: أه يا وطني، يا وطني يا مسكين!
أندروماكا: أنا أودعكن بالبكاء.
الكورس: الآن ترين الأمر والأدهى.
أندروماكا: هل أتـرك وطني الذي أنجبت فيه طفلي؟
هيكابي: يا بناتي، لقد تركتن أمّكن في مدينة خربة مهجورة. لقد تركتنني للمرارة والعويل والنحيب ونوافير الدموع التي لا تنضب. الموتى لا يذرفون الدموع، أنهم قد نسوا آلامهم.
الكورس: ما أحوج الدموع لمن أثقله الألم.
أندروماكا: آه يا هيكابي، يا أم هيكتور، البطل المغوار الذي قتلت حرابه العديد من الأعداء، ألا تعنين ذلك؟
هيكابي: أرى يد الآلهة. ترفع الأذلة من الناس من الحضيض إلى أعلى أبراج العليين، وآخرين تخسف بهم من عليائهم إلى أسفل سافلين.
أندروماكا: بعيدا نساق، أنا وابني، كلصوص الماشية، نبلاء وقعا في براثن العبودية.
الكورس: الضرورة لها مسالك غريبة.
هيكابي: أندروماكا، لقد قاموا للتو بنزع كاساندرا من بين أحضاني. وأعطوها إلى الملك أجاممنون.
الكورس: أسف يزيد على أسف.
أندروماكا: هيكابي، لعلي أزيد أحزانك.
الكورس: أسف يزيد على أسف.
أندروماكا: ابنتك، بوليكسينا، قد ماتت. لقد ذبحوها على قبر أخيل قربانا لقتلى الجنود الإغريق.
هيكابي: هذا ما قد عناه تالثيبيوس بكلامه الذي يشبه الأحاجي السوداء.
أندروماكا: رأيتها بنفسي. لقد سترتها بردائي وغمرتها بدموعي.
هيكابي: آه يا بوليكسينا يا مسكينة. ويا له من موت مخز!
أندروماكا: لقد ماتت بهذه الطريقة، وهي بهذا أسعد حظا مني أنا التي لازلت على قيد الحياة.
هيكابي: الموت والحياة شيئان مختلفان يا ابنتي. الموت يعني الفناء، أما الحياة فيوجد فيها الأمل.
أندروماكا: من الأفضل أن تموت على أن تعيش في ألم. الأموات ليس لديهم من الأحزان ما يؤلمهم. في قصر هيكتور، كنت أراعى أخلاقيات الزوجة الصالحة. لم أكن أسمح أبدا بالنميمة خلف الأبواب. صنت عرضي وحفظت لساني. هذه سمعتي الطيبة التي أبقيتها مصونة. فماذا كانت مكافأتي من الآلهة؟ ها أنا أشحن كالطرد إلى بيت أخيل لكي أتزوج ابنه. كيف يتسنى لي أن أكون زوجة في نفس البيت الذي قتل فيه زوجي؟ لقد كنت لي يا زوجي الحبيب هيكتور، الزوج الذي أردته وتتمناه كل امرأة. لقد كنت حكيما نبيلا موسرا شجاعا، لقد كنت لي زوجا عظيما حقا. الآن قد مت! وأنا أشحن أسيرة إلى براثن العبودية في بلاد الإغريق. أنا لا أعيش في وهم، يا هيكابي، كل هذه الأشياء لا توافقني بالمرة.
الكورس: أحزانك هي أحزاننا.
هيكابي: عزيزتي أندروماكا، لا تفكري بعد ذلك في مصير هيكتور. لن ترجعه دموعك من عالم الأموات. احترمي زوجك الجديد، ابن أخيل، وربي ابنك على أن يقوم بمساعدة طروادة. ربما يأتي يوم في المستقبل البعيد، يعود فيه نسله إلى طروادة لكي يعيشوا فيها ، فتعود طروادة مدينة عظيمة من جديد.
الكورس: أنظري هيكابي، لقد عاد تالثيبيوس.
هيكابي: ما الذي جعله يعود ثانية؟ وما هي القرارات الجديدة؟
(يدخل تالثيبيوس ومعه الجنود)
تالثيبيوس: أندروماكا، زوجة هيكتور، لا تكرهينني. فليس هذا اختياري أن أزف إليك هذا الخبر.
أندروماكا: ما هو؟ أخشى أن تكون قد أحضرت قصيدة طويلة، كلها أسف وشقاء.
الكورس: أسف يزيد على أسف.
تالثيبيوس: لقد قرر الإغريق أن الطفل… كيف أنطق بهذه الكلمات؟
أندروماكا: ماذا؟ ألن يكون له نفس سيدي؟
تالثيبيوس: لا، لن يكون أحد سيده.
أندروماكا: هل سيتركوه وحده هنا في طروادة؟
تالثيبيوس: لا أدري كيف أزف إليك هذه الأخبار المحزنة برفق.
الكورس: تكلم تالثيبيوس! قل كلماتك المؤسفة.
تالثيبيوس: سيقومون بقتل طفلك!
أندروماكا: واحسرتاه! آلامي لا تحتمل.
تالثيبيوس: السبب هو أن أبناء الأبطال، لا يسمح لهم بأن يكبروا.
الكورس: أسف يزيد على أسف.
تالثيبيوس: إنهم يدبرون نقله في عجالة من طروادة.
الكورس: أسف يزيد على أسف.
تالثيبيوس: أندروماكا، تحملي ألم الأحزان بشجاعة. تذكري أنك ضعيفة لا حيلة لك. لا تظننين أنك قوية. لن تجدي مساعدة في أي مكان. لقد دمرت مدينتك، ومات زوجك، وغلبت على أمرك. الإغريق يستطيعون التعامل مع امرأة وحيدة بسهولة. لذلك، لا تحاولي إثارة المتاعب. لا تحاولي فعل أي شيء أحمق يجعلك تأسفين عليه. شيء آخر، لا أريدك أن تقومي بلعن الإغريق. إن قلتِ شيئا يغضبهم، ابنك لن يدفن بطريقة مناسبة. لا تقولي شيئا أندروماكا. حاولي الاستفادة من أفضل الظروف. لعلك تجدين عطفا من الإغريق.
أندروماكا: آه يا ابني الحبيب، يا أعز ما أملك، ستترك أمك. بسالة أبيك لم تترك لك سوى الموت. فضائل والدك أزهرت لك في غير أوانها. احضن أمك لآخر مرة. أيها الإغريق، لم تعذبون غير الإغريق؟ لماذا تقتلون هذا الطفل البريء؟
(تقوم أندروماكا بتسليم ابنها أستياناس إلى تالثيبيوس)
أندروماكا: ها هو، خذه بعيدا. هل هذا ما تريده؟
الكورس: أندروماكا. أندروماكا. ألمك عميق، عميق.
تالثيبيوس: تعال، أيها الصغير. أه أيها الإغريق، اختاروا رسولا آخر لوظيفة مثل هذه. اختاروا شخصا لا يعرف الرحمة. شخصا قلبه أقسى من قلبي.
(يخرج تالثيبيوس مع الصبي. الجنود ترافق أندروماكا إلى الخارج)
هيكابي: آه أيا الإغريق، لماذا تخافون هذا الطفل؟ هل تخافون أنه يوما يحي طروادة بعد سقوطها. إذن أنتم جبناء بعد كل هذا. لقد أخذتم مدينتنا منا، ومع هذا تخافون طفلا، تخافون طفلا صغيرا. أنا أتعجب من خوف ليس له مبرر. أتذكر الأيام التي كان يأتيني فيها قائلا: “جدتي، لقد قطعت شعرة طويلة ملتوية من شعري، لأهديها لك” واحسرتاه على نفسي. وأي حكمة ستكتب على قبره؟ ربما ستقول: “داخل هذا القبر يرقد طفل صغير، قتله الإغريق لأنهم خائفون منه” جملة يجب أن يخجل منها كل إغريقي.
الكورس: هيكابي، أنت تلمسين شغاف قلوبنا.
امرأة 3: أيها الطفل، ستستقبلك الأرض.
امرأة 4: يا له من حزن مرير.
الكورس: واحسرتاه، يا له من حزن مرير! واحسرتاه، مسكينة هيكابي!
رئيسة الكورس: أنظرن، ها هو تالثيبيوس يعود من جديد.
(يدخل تالثيبيوس والجنود)
تالثيبيوس: لدي أمران في واحد. أنتن أيتها النساء، سرن إلى السفن الراسية، عندما تسمعن صوت النفير. وأنت أيتها العجوز هيكابي، أتعس نساء الأرض، اذهبي إلى هذا الجندي الذي أرسله أوديسيوس لاستلامك. ستكونين جاريته. سوف يأخذك بعيدا عن طروادة.
هيكابي: ما أشقاني! لقد جاء اليوم أخيرا. هذا اليوم هو أوج أحزاني وقمة آلامي، فيه أترك وطني. أيتها الأرجل الواهنة، دوسي على أرض طروادة بقوة قبل أن تتركيها. مدينتي الحبيبة طروادة، يا من رفعتِ رأسك عاليا بين البرابرة. حالا سيمحى اسمك وشهرتك. أيتها الآلهة. لكن، لماذا أدعوكم أيتها الآلهة، وأنتم في الماضي لم تستجيبوا لدعائي؟
تالثيبيوس: مسكينة هيكابي: أحزانك قد أودت بتوازنك. أيها الجند، خذوها. لا تتوقفوا عند المقابر. علينا أن نقوم بتسليمها إلى أوديسيوس.
هيكابي: آه يا برايم، يا زوجي الحبيب وملك طروادة، هل ترى كيف يسخرون منا؟
الكورس: إنه يرى. نعم هو يرى. لكن المدينة، المدينة ، لم تعد مدينة تذكري هذا. لقد سقطت طروادة. طروادة الآن مدينة ميتة.
هيكابي: واحسرتاه، واحسرتاه ، آه، واحسرتاه.
الكورس: بلادنا المهزومة قد فنيت. قصورها دمرت، دمرتها الحراب وألسنة اللهب.
هيكابي: أيتها الأرض التي عليها لعب أطفالي.
الكورس: لقد ماتت طروادة.
هيكابي: أبنائي، اصغوا لصوت أمّكم.
الكورس: هيكابي، أنت تنادين الأموات بالنحيب.
هيكابي: نعم، أناديهم، كلما خطوت برجلي على الأرض، أو لمست بيدي صخورها.
الكورس: صراخك هو الحزن بعينه.
هيكابي: نحن نساق مثل المواشي، نسحب بعيدا إلى الصالات كي نستعبد.
الكورس: بعيدا عن أوطاننا.
هيكابي: وداعا زوجي برايم، ملك طروادة الميت، غير المدفون، الآن أتركك وحيدا.
الكورس: سنمشي حالا إلى العبودية.
هيكابي: أيتها المعابد، يا مدينتي الحبيبة.
الكورس: حالا، سيمحى اسمك.
هيكابي: وترابك، مثل الدخان، سينتشر في الفضاء، ليحجب عني رؤية وطني.
الكورس: سيطوي اسمك النسيان. طروادة قليلة البخت، لقد انتهيتِ.
(يسمع صوت آلة النفير)
هيكابي: آه! يا قدمي لا ترتعشان. قوداني إلى الممر. معكما سأعيش طويلا في العبودية.
(تخرج هيكابي في صحبة الجنود. يتبعها تالثيبيوس(
الكورس: أيتها المدينة المنكوبة، قليلة البخت، يا طروادة! وداعا! وداعا! وداعا!
)الكورس يخرج ببطء. الستار ينزل ببطء(
انتهت المسرحية
أما جان بول سارتر فيقارب جيش الأرامل ويستوحي فكرة ” نساء طروادة ” من يوربيديس وفيها يصور يوربيديس نتائج حرب طروادة بعد أن هزم الإغريق أهل طروادة الأسيويين، وقتلوا كل الرجال والأطفال الذكور بها؛ حتى يضمنوا ألا تقوم لهم قائمة بعد ذلك، فنراه يعرض علينا نساء طروادة وهن يشاهدن خراب طروادة، ويبكين قتلاهم من الرجال والصغار، ولكونهن سيأخذن سبايا لرجال الإغريق المنتصرين.
ولا شك أن ويلات الحرب العالمية الثانية والخراب الذي نتج عنها هو الذي أوحى لسارتر أن يعيد صياغة أحداث مسرحية “نساء طروادة ” ليوربيديس، سارتر يعني بهن النساء اللائي تشردن بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد أي حرب ينتج عنها الدمار للبلاد والتشرد لأهلها.
وأسلوب هذه المسرحية لسارتر أسلوب قريب من أساليب الطليعيين في مسرحهم، فليس فيها حدث مثير له بداية ووسط ونهاية، وإنما نرى في هذه المسرحية ما هو أشبه بالمونولوجات المتتالية التي تبكي فيها نساء طروادة خراب بلادهن، والمصير الذي سيصرن إليه بين أيدي رجال الإغريق المنتصرين، فسوف يصبحن سبايا محظيات وخادمات عندهم.
وما أشبه هذه المسرحية في بنائها بالقصائد الرثائية المتتالية التي لا تؤدي لتطور الحدث بقدر ما تستثير المشاهد للإحساس بالفاجعة التي حدثت لطروادة وأهلها بعد هزيمتهم على أيدي الإغريق.
ولا يخفى أن المؤلف في هذه المسرحية التي يرثي فيها قتلى طروادة وقتلى الحروب في الوقت نفسه – يتهم الأوروبيين بأنهم هم الذين تسببوا في هذا الخراب في طروادة الأسيوية، وفي هذا رمز واضح لما كان يفعله المستعمرون الغربيون في مستعمراتهم الأسيوية – وغيرها من المستعمرات في العالم كله – في ذلك الوقت الذي كتبت فيه هذه المسرحية.
وتبدأ هذه المسرحية بحديث يدور بين بوسيدون إله الحرب الوثني عند الإغريق وأثينا ربة الحكمة الوثنية عندهم عن تدمير الإغريق معابد الآلهة في طروادة، وضرورة الانتقام منهم لذلك، ثم نرى هيكابي زوجة بريام ملك طروادة تقول مونولوجًا رثائيًّا طويلاً يتضمن العويل، وتبكي فيه حال وطنها الذي أُبيد ورجال قومها الذين أُهلكوا في هذه الحرب، وتستشعر المهانة للوضع الذي ستصير إليه نساء طروادة بين أيدي الإغريق، وتشاركها نساء طروادة البكاء والعويل.
ويأتي رسول جيش الإغريق، ليخبر هيكابي بأن نساء طروادة تم الاتفاق بين رجال الجيش الإغريقي على توزيعهن بينهم، ويعرفها أن ابنتها ألكسندرا ستكون من نصيب أجاممنون، وأن ابنتها بروكسيلا ستخدم قبر أخيل، وأن أندروماك زوجة ابنها هيكتور ستكون من نصيب أحد جنودهم، أما هي فستكون خادمة عند يورسيس، وتتوجع لهذا المصير لنفسها ولبنتيها ولباقي نساء طروادة.
ونرى بعد ذلك كاسندرا وقد أصيبت بالجنون حين رأت خراب طروادة، وتتنبأ خلال جنونها بسوء مآل الإغريق الذين أبادوا طروادة، في حين تقتل بروكسيلا نفسها حتى لا تتعرض لمذلة العبودية، أما أندروماك فتستسلم لمصيرها، وتأمل أن تربي ابنها الصغير إستياناكس بن هيكتور حتى يكبر، لعله يعيد لطروادة أمجادها، وينتقم من الإغريق، ولكن رسول الجيش الإغريقي يأمرها بأن تسلمه ابنها الصغير؛ ليقتل حتى يفنى رجال طروادة كما أمر رجال الإغريق، وتعول وتصرخ ولا من مجيب، ثم تسلم له صغيرها، وتستسلم لمصيرها المحتوم.
وقبيل أن يغادر الإغريق طروادة يحرقون كل المباني التي فيها بما في ذلك الأكروبوليس. وتنتهي المسرحية بالبداية التي بُدِئَتْ بها، فيظهر بوسيدون إله البحر الوثني عند الإغريق، ويتوعد الجيش اليوناني بالدمار؛ لأنه دمر معابد الآلهة الوثنية في طروادة.
ويحكى القصة التالية عن جيش الأرامل قد حدثت بالفعل في أندونيسيا بين أرامل ضحايا الحرب والاستعمار الإنكليزي والبرتغالي والهولندي والصيني وحاربهم جيش الأرامل وانتصر عليهم وهذه هي حكايتهن.
هل تعلم أن أول سيدة أدميرال بحري في العالم هي القبطان المسلمة الاندونيسية مالاهايتي! وهل تعلم أن “إليزابيث” ملكة انجلترا أرسلت رسالة تستأذن مالاهايتي لتمر سفنهم من أمام جزيرة آتشية الاندونيسية ؟
هل تعلم أن رسالة الاعتذار وطلب العفو التي أرسلتها إليزابيت ملكة انجلترا تم استقبالها بــ 6 أفيال ضخمة ! ووضعت الرسالة في إناء من الذهب المغطى بأفخر أنواع الحرير ، ووضع الإناء فوق أريكة من المخمل القرمزية اللون داخل هودج فوق ظهر أضخم الأفيال الستة وكان الهودج مخمليا أيضا وحمل الرسالة السير “جيمس لانكستر” وكان يهوديا.
استشهد زوجها في معركة بحرية بين اندونيسيا والبرتغال في “مضيق ملقا” بين ماليزيا وجزيرة سومطرة الاندونيسية قبل سنة 1590م تقريبا .وبعد استشهاد زوجها طلبت من ملك آتشيه الذي تولى السلطة من 1596-1604 ، تم تشكيل أسطول حرب وكان ذلك الطلب عجيبا وقتها ! دخلت البحرية واستدعت معها كل الأرامل ممن استشهد أزواجهن في نفس معركة مضيق ملقا التي استشهد فيها زوجها وتخرج الجميع ضباط بحرية من الطراز الأول .
كونت مالاهايتي كتيبة من الأرامل ” حافظات القرآن ” بعد تخرجهم من الأكاديمية البحرية المسماة بيت المقدس التي بناها السلطان العثماني سليم الأول وكانت هي قائد الأسطول البحري ! أنشأت مالاهايتي أسطولا قوامه 100 سفينة حربية ضخمة مزودة بالمدافع والأسلحة الحديثة وقتها وكل ذلك في وقت 5 سنوات تقريبا وضاعفت عدد القوات البحرية إلى أضعاف عددها في نفس هذه الفترة . ثم بنت قلعة كبيرة بأبراج مسلحة بالمدافع وبداخلها قوات مشاة وبحرية وأسلحة متنوعة فوق منطقة مرتفع في ميناء الجزيرة الرئيسي !
هذا الأسطول والقلعة ومضاعفة القوات وتوفير الأسلحة والتدريب المستمر أثار الرعب في البحار المحيطة باندونيسيا وما بعدها وسمت أول سفينة قيادة لها باسم سفينة رعب البحار طارق بن زياد والثانية باسم رعد البحار عقبة بن نافع والثالثة باسم خيبر – خيبر نعم كان اسمها كذلك من كلمة خيبر مكررة !
قادت مالاهايتي سلسلة من المعارك البحرية وانتقمت من أساطيل وجيوش البرتغال وانجلترا والصين والبرتغال حتى أرغمت الجميع على الركوع لأسطولها البحري !
من معاركها الشهيرة كانت معركة بحرية قادتها في 21 يونيو سنة 1599م وكانت المعركة مع الجيش الهولندي الذي انتهى لتوه من هزيمة ملك جزيرة بانتن واحتلالها ثم جاء مغرورا منتشيا بانتصاره ظنا منه أن ما حدث سيتكرر في جزيرة آتشية ولا تعلم جيوش هولندا المحتلة أن في آتشية كانت هناك سيدة رعب البحار مالاهايتي ففعلت الأفاعيل بقادة الجيش الهولندي وألبستهم عار يكتب حتى اليوم في تاريخ هولندا .
والمرأة سيدة عمل وفكر وقوة تهز العالم إن قررت ذلك .
Discussion about this post