الحرب القادمة … زخم اْم وهم …

لو افترضنا ان ” الرؤية” الأمريكية للشرق الأوسط ،كما وردت على لسان وزير خارجيتها، تقتصر على مواجهة الإسلام المتطرف و إيران وضمان أمن اسرائيل والتفاخر بنقل السفارة إلى القدس دون أي اكتراث بآمال وتطلعات الشعوب، بالإضافة إلى القصف الاسرائيلي المتكرر لأهداف سورية ، فأنه من الطبيعي أن نشهد صراعات وحروب قادمة في ظل التصريحات والتهديدات العلنية منها والخفية ( شمالا تركيا وجنوبا اسرائيل ) وبالتالي تكون الرسالة واضحة؛ علينا الاعتماد على أنفسنا وقدراتنا وتوافقاتنا وتفاهماتنا في مواجهة الاٍرهاب والتهديدات لبناء مجتمعاتنا وحمايتها والحفاظ على السيادة والجغرافية …
ملتقى دافوس هذا الشهر حيث العولمة المحدثة … بعيدا عن العولمة الجديدة ( السابقة)…
غاب عنها العديد من روؤساء الدول الكبرى هذا العام ( ترامب ، بوتين ، ماكرون، ماي ..) وبرز زعماء مغمورين تمكنوا من لحظ الانتباه ، في خطابه.
قرأ آبي أحمد ( الإثيوبي ) تجارب الماضي و أستخلص العبر ، فالعدو الأول باثيوبيا هو الفقر ، وما جدوى أن تنتصر على دولة مجاورة (اريتريا) وتهزم في عقر دارك أمام الفقر والتخلف. أدرك أيضاً أن لا معنى لانتصار مجموعة عرقية على أخرى ما دام انتصارها لا يحمل غير المقابر وسوء التغذية والبطالة.
تعلم أن الحل هو مغادرة حروب الماضي إلى شراكات المستقبل وعبر التوزيع العادل للفرص وفتح أبواب الأمل.
أدرك آبي أحمد أن إثيوبيا تقف عند منعطف وعليها أن تتخذ قراراً كبيراً ، إما الإقامة الكارثية في مستنقعات الماضي والتحول لعبء إضافي على القارة الأفريقية والعالم أو الانخراط في معركة التنمية واتخاذ قرار حاسم بالتغيير ودفع الثمن المطلوب الذي لا يقل عن تغيير كامل في القاموس ، هكذا تقدم التعايش على التنابذ، والشراكة على الاستئثار ، والانفتاح على حدود الهويات المسوّرة بالدم ،هاجرت إثيوبيا إلى قاموس التنمية والتقدم والاستثمار مصابة بهاجس اللحاق بالثورات التكنولوجية المتلاحقة ، شعاره بالغ الدلالات «إنزال الجدار وبناء الجسر». لا حروب مع الجوار بل شراكات ، وفي الداخل دولة القانون والمؤسسات و احترام الحقوق وتداول السلطة وبيئة صالحة لاجتذاب المستثمرين.
انشغل «دافوس 2019» بظلال كثيرة وهموم كثيرة. منذ الافتتاح وحتى الختام كان القلق حاضراً من احتمال اندلاع حرب تجارية مفتوحة بين أميركا والصين. حذر الحاضرون من أن ثمن هذه الحرب لن يقتصر على الاقتصادين الأول والثاني في العالم، بل إن الخسائر ستصيب آخرين أيضاً.
كان الوضع البريطاني الغامض فيما يتعلق بالخروج من الاتحاد الأوروبي وكيفية هذا الخروج، وكان هناك التفات إلى المهمشين الذين نسيتهم العولمة واستمرار المعدلات العالية للفقر في العالم، ما ينذر باضطرابات سياسية وأمنية وعمليات هجرة واسعة بدأت تتسبب في بروز تيارات شعبوية وأزمات هوية حادة ، وكان التغير المناخي حاضراً أكثر من ذي قبل، وسط تحذيرات من أن العالم لا يستطيع ممارسة سياسة الانتظار والتردد، خصوصاً أن معظم الحكومات تقوم بأقل من المفترض لمواجهة هذا الاستحقاق الخطر.
تكشف خطابات المسؤولين في «دافوس» أولويات حكوماتهم وبلدانهم. وتكشف النقاشات استمرار القلق حول اتجاه العالم إلى انشطار معسكرين؛ الأول يملك التكنولوجيا والمفاتيح، والثاني لا يزال عالقاً في شباك الماضي يرفض تناول الأدوية المرٌة التي لا بد منها للصعود إلى القطار.
من الواضح ان الحل في المنطقة ككل لم ينضج بعد ، حيث تترابط الملفات، و تترنح التوافقات الدولية بين الستاتيكو والتفعيل بناء على المصالح والنفوذ والتوازنات لإنتاج تسويات بدءٌ من فلسطين مرورا بالعراق واليمن وسورية وانتهاء بلبنان ..
من بين القضايا الملحة التي تكسب أهمية بالغة في منطقتنا، كيفية الخروج من حال التداعي وتجاوزها للدخول في مرحلة النهوض السياسي والمجتمعي عبر مشروع واضح المعالم فمعالجة هذا الموضوع تتطلب تحديد العوامل السياسية والفكرية والمجتمعية والاقتصادية والثقافية، فإما نهوض بلا سقف و إما انحدار بلا قاع …
على الصعيد الداخلي …
أعتقد أن أي تغيير جدي، في منحى وطني سوري تكون بوصلته مصلحة السوريين عامة، بحاجة الى حوامل رأي عام سوري داعم؛ قادر على الوقوف في وجه التوافقات والاختلافات الإقليمية والدولية تجاه الوضع السوري، والرؤى القاصرة…
لكن تشكّل رأي عام وطني سوري ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج إلى حاملين أساسيين؛ الأول هو توافق (النخب) السياسية والثقافية السورية، والثاني هو تطوير المجتمع السوري واهتماماته وثقافاته في المشاركة، بما يغيِّر أو يعدِّل المفاهيم والآليات الموروثة.
ومن رحم ذلك نوصي الى اللجنة الدستورية التي اقترب موعد تشكيلها وعملها ، بإضافة مواد بخصوص تفعيل المواطنة لمنع التمييز (تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز..) بالإضافة الى الديموقراطية مع التأكيد أن الدستور هو العقد أو العهد الذي يجب أن يُحترم بين الدولة والمواطنين يتساوى به الجميع في الحقوق والحريات والواجبات التي لا تميز بينهم بسبب الدين او العقيدة او الاثنية او الجنس مع التركيز على امرين مهمين في هذه المادة: 1. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون
2. ينظم القانون انشاء هيئة مستقلة لمنع التمييز ووضع آليات لعملها.
ان الانتقال من أزمة الى أزمات في سورية والحرب الاقتصادية – السياسية والحصار وزيادة العقوبات عليها ، ينعكس سلبا ومباشرة على الشعب والمجتمع السوري، مما يتوجب ضرورة التحول من الاقتصاد الريعي – الوظيفي الى الاقتصاد التنموي – الانتاجي .
وضعنا نُصب اعيننا خدمةَ بلدنا بجميع مناطقه ، وإدخال ثقافة جديدة إلى الشأن العام، التشاركية والمسؤولية المجتمعية والتماسك المجتمعي وترسيخ مفاهيم التسامح والمحبة وتوفير فرص العمل الانتاجي عبر التنمية المستدامة والمتوازنة للحد من الجهل والفقر في دولة الديموقراطية والمواطنة والقانون .
ولن نتراجع عن ذلك بالرغم من العثرات وممارسات الانتهازيين الذين تتعارض مصالحهم مع اهدافنا وعملنا ..
عهدنا ووعدنا أن نبقى مخلصين لهذا الشعب وهذه الأرض ..
سورية للجميع … وفوق الجميع…
والى لقاء اخر …
المهندس باسل كويفي
Discussion about this post