تحت الأمطار الغزيرة والتقلبات الجوية المحملة بالرياح والعواصف، تقود عدد من الفتيات المصريات دراجات في شوارع القاهرة واضعات على ظهورهن لافتات بخط واضح ذي الحجم الكبير مكتوب عليها “رحمتك بالحيوان ضمان إنك إنسان”، ضمن مبادرة لدعم حيوانات الشوارع وإطعامهم، خاصة الكلاب والقطط.
4 فتيات من مناطق مختلفة في العاصمة المصرية القاهرة جمعهن حب الدفاع عن حيوانات الشوارع بعد رؤيتهن لممارسات غير رحيمة خاصة للكلاب والقطط، مما دفعهن إلى تشكيل فريق “التوعية بالرفق بالحيوان”، لدعم كلاب وقطط الشوارع بالطعام وأيضا الإنقاذ، لينجحن خلال 4 أشهر من انطلاق المبادرة في إطعام وإنقاذ مئات الكلاب والقطط في مناطق متفرقة في القاهرة الكبرى.
وفي ظل التقلبات الجوية التي تشهدها محافظات عديدة في مصر من أمطار غزيرة وثلوج وصقيع، قررن عمل حملة واسعة شاركت فيها العشرات من الفتيات والشباب والأطفال، يجوبون فيها الشوارع لإنقاذ الكلاب والقطط من هذه الأجواء، وتقديم الطعام وأيضا إنقاذ الحالات الطارئة من خلال نقلها إلى عيادات بيطرية على حسابهن الخاص.
“رياضة مع رسالة”
تقول ميار محمد، إحدى عضوات الفريق وخريجة كلية الآداب، إن هذه المبادرة التي أطلقن عليها “رياضة مع رسالة”، تستهدف نشر ثقافة الرحمة بالحيوان ودعم الحيوانات من خطر الجوع والطقس السيء، مضيفة أنهن تحركن بالدراجات من وسط القاهرة إلى عابدين ثم المنيل ومناطق أخرى، وأن كل فرد يلصق لافتة على ظهره بهذه الرسالة، مؤكدة أن هذه المبادرة لاقت استحسانا من المواطنين.
وفي حديثها مع موقع “سكاي نيوز عربية”، ذكرت ميار إنهن يعملن في مجال حقوق الحيوان منذ فترة طويلة لكن كل واحدة بمفردها، مشيرة إلى أنهن تجمعن منذ 4 أشهر كفريق لإطعام الكلاب والقطط في الشوارع وأنهن مستمرات في ذلك خلال طوال هذه الفترة.
ويعمل الفريق أيضا المكون من 4 فتيات منهن اثنتين ما زالتا في مرحلة الدراسة الجامعية – حسب ما قالت ميار- على توعية المواطنين والسكان في مختلف المناطق للوصول لحلول إنسانية في التعامل مع الحيوانات بدلا من ضربها أو قلتها أو تسميمها، مشيرة إلى ذهابهن إلى عدة مناطق، على رأسها: العباسية وعبده باشا وماسبيرو والوكالة والعجوزة ومدينة نصر و6 أكتوبر ومساكن الشروق والتبة، وأن تحديد المناطق يأتي من خلال اقتراحات المتابعين على موقع التواصل الاجتماعي.
وتعتمد ميار وأعضاء الفريق على جهودهن الذاتية في توفير الطعام والانتقال من مكان لآخر ولا يقبلن أي تبرعات مادية؛ إذ أكدت ميار أنهن يوفرن من المصروف الشخصي أو العمل الخاص للإنفاق على المبادرة لوجود قناعة قوية بما يفعلونه.
تسميم الكلاب
وتشير ميار إلى أن حالات تسميم الكلاب بسم يدعى “الاستركنين” تعد ممارسات غير رحيمة بالحيوان وهو ما دفعها وأعضاء الفريق لإطلاق المبادرة “إحنا بنأكل الكلاب والقطط، وبنوعي بعدم تسميم الكلاب، لأنهم أرواح زينا وأمم أمثالكم، يحسوا ويعيشوا ويتكاثروا ليه نؤذيهم؟!”.
وتابعت: “تعامل الناس مع الكلاب والقطط في الشوارع قاسي للغاية وغير إنساني”، مشيرة إلى أن هناك طرقا رحيمة وإنسانية بدلا من التسميم مثل عمليات العقيم أو التطعيم ضد السعار.
ويتكون الطعام الذي توفره الفتيات، من هياكل دواجن يتم تنظيفها وسلقها مع العيش وبقايا طعام منازلهن من خضار وأرز، ثم تعبئتها في أكياس وتقديمها للكلاب والقطط في الشوارع، مشيرة إلى أن الكثير من المهتمين بالحيوانات يتطوعون معهن ويشترون “دراي فود” أيضا لتقديمها لهذه الحيوانات، ولبن لصغار القطط والكلاب أيضا.
حالات حرجة
ولا تقتصر المبادرة على إطعام الحيوانات فقط بل تمتد أيضا إلى إنقاذ حالات حرجة من خلال ملاجئ للكلاب والقطط تقبل الحالات الحرجة وأيضا عيادات بيطرية تقبل الحيوانات التي تعرضت لحوادث أو تعذيب أو الجوع.
وأكدت ميار أن آخر هذه الحالات “جرو” صغير عمره لم يكمل 40 يوما، تعرض للعض في بطنه ورقبته وتم نقله لعيادة بيطرية على حسابهن الشخصي ثم تطوع البعض بالذهاب للعيادة والدفع مباشرة لها، لكن الجرو توفى في النهاية بعد 14 يوما.
دعم نفسي
ولفتت إلى أنهن يقدمن الدعم النفسي إلى الكلاب بالإضافة إلى الطعام، مشيرة إلى أن بعض الكلاب تعاني من حالة نفسية سيئة بسبب تعرضها للضرب والتعذيب أو الجوع في الشوارع ولا يحتاجون للطعام بل يحتاجون إلى الدعم النفسي من دغدغة ولمس وتلاعب وإعطائهم الثقة مرة أخرى “الكلب عاوز يشكرك الأول قبل تناول الطعام”، مشددة على أنهن لم يقابلن أي كلب شرس أو مصاب بالسعار طوال فترة عملهن في هذه المبادرة.
طالبتان ينفقان من مصروفهما الشخصي
وإلى جانب ميار، تعمل الشقيقتان مدونا ومونيكا عادل اللتان تدرسان في عامهما الجامعي الأخير على دعم الكلاب من مصروفهن الشخصي، حيث تقول مادونا عادل، إنها ما زالت تدرس بالجامعة وعلى الرغم منذ ذلك بادرت بهذه المبادرة مع باقي الفريق لنشر ثقافة الرحمة والإنسانية واحترام مخلوقات الله والقضاء على ظاهرة العنف المنتشرة بين الأطفال والكبار واحترام الضعيف مثل الحيوانات، مشيرة إلى أن تقدم الشعوب تقاس تعاملها مع الحيوانات.
وتذكر شقيقتها مونيكا عادل، التي تدرس بكلية التجارة بجامعة القاهرة، إن هدفهن الأول والأخيرة هو الرحمة بالحيوانات، لافتة إلى أن المجتمع لا يعي هذه القضية ويحتاج إلى التوعية والتثقيف في التعامل مع الحيوانات، مشددة على أنها تخصص جزء كبير من مصروفها الشهري لهذه المبادرة.
بينما أشارت مدونا عازر إحدى عضوات فريق توعية الرفق بالحيوان، خريجة كلية الآداب، تؤكد أن هدفهن الأساسي ليس فقط إطعام الكلاب والقطط بالشوارع، ولكن توعية المواطنين بأهمية القطط والكلاب في حياة الإنسان وتوازن البيئة، بالإضافة إلى عمل حملات على مواقع التواصل الاجتماعي لدعوة المواطنين لدعم الكلاب في منطقة كاملة، بالإضافة إلى تعقيم وإنقاذ العديد من الكلاب.
وتسعى الفتيات إلى تعميم ونشر هذه الفكرة إلى باقي محافظات مصر وأيضا خارجها، حسب ما ذكرت مدونا، مشيرة إلى أنهن يعملن جاهدات للانتشار بصورة أكبر وإنقاذ الحيوانات.
Discussion about this post