أظهرت دراسات أن “ذكريات” التأثيرات البيئية المختلفة، مثل النظام الغذائي والوزن، تنتقل من الآباء إلى الأبناء على الرغم من أن هذه الحالات لم تُرمّز في تسلسل الحمض النووي.
ويمكن للجزيئات التي تربط نفسها بالحمض النووي أن تعمل مثل مفاتيح التشغيل-الإيقاف، التي تتحكم في أقسام الحمض النووي التي تُستخدم – ولكن حتى الآن لم نعرف أيا من هذه الجزيئات يمكن أن يحمل الإعدادات التي تميز تجارب حياة الأب، ليتم دمجها في الجنين عن طريق الحيوانات المنوية.
وقالت سارة كيمينز، عالمة الوراثة اللاجينية بجامعة McGill، إن “الإنجاز الكبير في هذه الدراسة هو أنها حددت وسيلة غير قائمة على الحمض النووي يمكن من خلالها أن تتذكر الحيوانات المنوية بيئة الأب (النظام الغذائي) وتنقل هذه المعلومات إلى الجنين”.
وباستخدام الفئران، تمكن عالم الوراثة اللاجينية أريان ليسمر، وزملاؤه من إثبات أن تأثيرات النظام الغذائي الذي ينقصه حمض الفوليك يمكن أن تنتقل عن طريق تغيير جزيئات الهيستون في الحيوانات المنوية. وببساطة، الهستونات عبارة عن بروتينات أساسية حقا يلتف حولها الحمض النووي لتخزينها بدون تشابك.
وفي الثدييات، عندما تقوم أجسام الذكور ببناء الحيوانات المنوية، فإنها تتخلص من معظم بكرات هيستون، للسماح بتعبئة أكثر إحكاما.
ولكن ما تزال هناك نسبة صغيرة (1% في الفئران و15% في البشر)، ما يوفر سقالات للحمض النووي في مناطق خاصة بتكوين الحيوانات المنوية ووظيفتها، والتمثيل الغذائي، وتطور الأجنة – للسماح للآليات الخلوية بالاستفادة من تعليمات الحمض النووي هذه.
ويسمح التعديل الكيميائي لهذه الهستونات، أو يمنع “قراءة” الحمض النووي بحيث يمكن نسخه إلى منتجات بروتينية.
وهذا هو سبب سماعنا عن أهمية حمض الفوليك للنساء أثناء الحمل: يساعد حمض الفوليك لدى الأم على استقرار مثيلة الحمض النووي في صغارها.
ومن خلال إطعام ذكور الفئران بنظام غذائي ينقصه حمض الفوليك منذ وقت الفطام، تمكن الباحثون من تتبع التغييرات في الهيستونات من الحيوانات المنوية للذكور وفي الأجنة الناتجة. وبالفعل، كانت تغيرات هيستون الحيوانات المنوية موجودة أيضا في الجنين النامي.
وقال ليسمر: “لم يتمكن أحد من تتبع كيفية انتقال هذه التوقيعات البيئية القابلة للتوريث من الحيوانات المنوية إلى الجنين من قبل”.
واكتشف الفريق أيضا أن هذه الآثار يمكن أن تكون تراكمية وتؤدي إلى زيادة شدة العيوب الخلقية.
ومن المثير للاهتمام، أن العيوب الخلقية التي شوهدت في الفئران، بما في ذلك التخلف عند الولادة وتشوهات العمود الفقري، موثقة جيدا في المجموعات البشرية التي تعاني من نقص حمض الفوليك.
ويأمل الباحثون أن يكشف توسيع معرفتنا بآليات الوراثة عن طرق جديدة لعلاج ومنع مثل هذه الحالات.
Discussion about this post