في ضوء العولمة وتشابك المصالح تضاعف الاعتماد على “مراكز التفكير ، Think Tanks ” عملها البحث وتقديم التوصيات والبدائل لمتخذي القرار ، هناك ما يقارب 8000 مركز في مختلف المجالات بالعالم ، علينا إدراك أهمية تلك المراكز في منطقتنا لضمان اتخاذ القرار بناءً على علم ودراسة وبيان الاحتمالات واختيار الأفضل .
في القضايا الوطنية إطلاع الشعوب على الحقائق دون تهويل أو تهوين وطرح البدائل والمصالح المشتركة المتاحة أمر حيوي . فالشعوب هي التي تتحمل بالنهاية تبعات القرارات الكبرى ، لذلك يجب أن تكون شريكاً في اتخاذها وواثقة من صحتها .
إن الأزمات الحالية لها مسببات عديدة من بينها أسباب متعلقة بمعوقات صنعتها بعض المؤسسات و الأفراد، واجبنا أن نتقصى الحقائق ونكشفها و نُخضع كل من أسهم فيها للمحاسبة و المساءلة، كجزء من الحلول الشاملة للأزمات الراهنة.
ثمة مسائل يجب معالجتها على المستوى المحلي لبلدان المنطقة، وأهمها الفجوة الاقتصادية – الاجتماعية ، والفجوة بين دولنا ودول العالم ،والفجوة بين الإنجاز الواقعي وبين ما يمكن أو يُفترض إنجازه ضمن نفس الامكانيات بعيداً عن الفساد .
إن القطاعات التي يجب تنميتها لردم كل هذه الفجوات ، وتحديد ذات الأولوية في الردم والوقت اللازم لعلاجها ، والكشف عن عوامل أسبابها داخلية أم خارجية وسُبل تجاوزها .
يأتي التعليم دائماً أولاً فهو الجسر الأمثل لردم الفجوات الطبقية والاجتماعية في المجتمعات، ويشكل تحدياً في بلاد المنطقة يعاني أصلا من فجوة بين التعليم الخاص و العام الذي تراجع في محتواه ومستواه .
بصراحة نحتاج إلى وعي وحكمة لإنجاز عقد اجتماعي جديد يتيح الفرص لوضع حلول اجتماعية وسياسية وتنموية واقتصادية وثقافية و قانونية … تشارك فيه جميع مكونات المجتمع باختلافها وتنوعها ، بعيداً عن الإقصاء والاستئثار بمصير الشعوب بالمسار اللاديموقراطي ،والاحادية في قيادة الدولة والمجتمع .
فالتماسك الاجتماعي والثبات المرسوم ليس كافياً، في زمن التوسع والمتغيرات ، وتزداد الحاجة الى مبادرات سياسية خلاّقة يقوم بها لاعبين متمرسين محررين من القيود يعملون من أجل أوطانهم وشعوبهم ، بعيداً عن الارتباطات والمصالح الضيقة .
فسلطات تنفيذية غير تشاركية لا تمتلك ولاية عامة ، ومجالس تشريعية بوظيفة مزهرية ، لن يستطيعا معاً ردم كل هذه الفجوات والتي ساهم ضعفهما في توسعها لتصبح ثقباً أسود ؟
استمرار تفشي الصراعات في الشرق الأوسط خلال هذا العام، مع وجود حركات تمرد نشطة في بعض بلدانه، مع استمرار خلايا الإرهاب في مناطق عديدة ، يشير في دراسات متعددة ” تقييم المخاطر ” لعام 2021، أن التقلبات المحلية سوف تستمر مع ارتفاع وتيرة السخط الشعبي والمظالم الاجتماعية والاقتصادية والتي ازدادت تفاقماً بسبب جائحة كورونا ، قد تؤدي الى زعزعة الاستقرار وتدهور و انهيار المنظومات الاقتصادية – الاجتماعية .
إذا صدقت “جورجيفا ” مديرة صندوق النقد الدولي خلال اجتماعها مع مجلس إدارتها ، بالنية نحو الموافقة على منح ضمان بفائدة 0.5% للدول الأعضاء بإجمالي 650 مليار $ منها
18 مليار $ لروسيا و 3.5 مليار $ لإيران و900 مليون $ لسورية ، من أجل زيادة قدرتها على التعامل مع جائحة ” COVID 19 ” وتعزيز الاحتياطات النقدية للتخفيف من تأثيراتها على الاقتصاديات المحلية ، قد يكون انعكاساتها ايجابية على المستوى الانساني والاخلاقي .
لقد اضحى التفاوض من العلوم الحديثة التي يتم الاعتماد عليها في المجالات المختلفة ، وتبرز أهميته في حدودها القصوى في أوقات الأزمات نظراً للمخاطر التي ترتبط بها وما قد تؤدي إلى تفاقم الصراعات بالشكل الذي يهدد أمن وسلامة أطراف الأزمة ، مما يتوجب دراسة هذا الموضوع والدخول في تفرعاته ( مفاهيم ومقومات ومحددات وشروط ) ، من أجل إدارة العلاقات الإنسانية سواء على مستوى الأفراد أمال مجتمعات أم الدول ، للحد من قيام نزاع بين أطرافه بكافة المستويات .
في ظل الصراعات وتشابك المصالح وسياسات تقاسم النفوذ التي تمارسها بعض الدول الكبرى عبر زعزعة الاستقرار في العديد من دول منطقتنا لإعادة توزيع مناطق سيطرتها بجغرافيا اقتصادية تخدم مصالحها السياسية والعسكرية …
حيث يتمثل التحدي الاثيوبي في التعنت والمراوغة للتوصل الى اتفاق بخصوص تقاسم مياه النيل مع مصر والسودان ، باستغلال عامل الزمن لملء السد في المرحلة الثانية وفرض سياسة الأمر الواقع للأضرار بحقوق شعبي مصر والسودان التاريخية في مياه النيل .
لقد شاهد العالم حضارة مصر وعراقتها خلال موكب المومياوات الملكية-الفرعونية ( 3 ابريل / نيسان 2021 ) وقدراتها على جميع المستويات ، ولقد حصل تخوف عالمي بسبب تعطل الملاحة في قناة السويس أياماً معدودة وتم حل تلك المشكلة الجانحة بأيدي مصرية … مما يستدعي من اثيوبيا إعادة النظر بمغامرتها الملء الثاني للسد ، كي لا تتم فتح آفاق حرب اضطرارية جديدة في المنطقة لتدمير السد تفادياً للجفاف والعطش ، مع انعكاساتها السلبية على برامج التنمية في اثيوبيا ودول العبور ودول الاقليم والمنطقة .
في الصراع الروسي – الاوكراني
تعقيد جديد يُضاف الى الملف السوري بفعل التوتر الاضافي الذي يشكله على العلاقات الدولية والاقليمية وخاصة بين روسيا والغرب .
الرئيس الأوكراني دعا الى عقد قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبحث التوتر خلال اجتماعه مع الاخيرين 16 / 04 / 2021
سقوط صاروخ بالقرب من مفاعل “ديمونة” النووي الاسرائيلي ، هل هو (صاروخ سلام ) ؟ يستدعي من الكيان الصهيوني إعادة تقييم ادعاءاته بالتفوق العسكري لتحقيق الأمن والاستقرار
إن السلام العادل وتنفيذ القرارات الدولية بإعادة الاراضي العربية المغتصبة الى أصحابها هي المسار الوحيد لتعزيز الأمن والسلام والاستقرار على الصعيد الاقليمي والدولي .
الاتفاق الأميركي الإيراني بخصوص الملف النووي جاهز تقريباً ، وكل المباحثات الجارية في فيينا باعتقادي هي غطاء دبلوماسي لاستئناف مفاوضات , و تتجه نحو ترسيخ إجماع يعتمد وجهة النظر الإيرانية، والحوار محصور ببعض التفاصيل الضئيلة ، وقد يرى الاتفاق النور خلال الشهر القادم .
هذه المنطقة عاشت عبر التاريخ صراعات متعددة لأمم مختلفة منها الغربية ( الروم ) والفارسية والعربية والتركية والكردية .. ولابد من الوصول الى صيغ مشتركة بناءً على المصالح والتاريخ وبعيداً عن الصراع بمختلف اشكاله ، لتتمكن شعوب هذه المنطقة من النهوض الذي يساهم في إرساء السلام والاستقرار العالمي ويتيح لشعوبها التنمية المستدامة وحل خلافاتها بالطرق السلمية ، وتجاوز النزعات الإلغائية والاقصائية ( سعي بغداد للعب دور الوسيط بين ايران والسعودية من خلال المحادثات الامنية ..) ، وتعظيم مشتركاتها ومصالحها المتبادلة ( تركيا ومصر – سورية – السعودية ودول الخليج وبعض دول الغرب ..)
داء عضّال يستشري في كثير من مجتمعاتنا العربية في هذا العالم المضطرب ، حيث تضاءلت قيّم التسامح والتعددية وحل محلها فكر الإقصاء والتحدي ، وسيضحي الجميع فيها خاسر ، إذا لم نتوحد بالرؤى حول مصالحنا المشتركة والدفاع عنها .
هدانا الله سواء السبيل …
والى لقاء آخر ..
مهندس باسل كويفي
Discussion about this post