لقد أثبتت الأرض تشبثها بأهلها ، بعد أن أيقنت وفاء وتضحية أصحابها الأصلاء الحقيقيين من أجلها … هذه هي فلسطين بكافة ارجائها ومناطقها التي انتفضت من أجل القدس ، وفرضت حل الدولتين وأطاحت بصفقة القرن في ذكريات التاريخ .
لم يستطع الاحتلال الاسرائيلي أن يزرع ويجني ثمار القهر والإحباط، بل على العكس فقد زرعت الأجيال الشابة فينا الأمل ، ففي اليوم الذي أرادت اسرائيل ان تحتفل بيوم “توحيد القدس ” اثبت المقدسيون وأحرار العالم أن ضم المدينة عصيّ على الاحتلال ، وأنه لا بديل عن عودة الأراضي المحتلة الى أصحابها وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة لتحقيق وتعزيز الاستقرار والأمن والسلام في منطقتنا والعالم .
آملين ألا تنتهي محاولات “التهدئة” الحالية كما عهدنا في الماضي باستمرار الاحتلال والسياسات العنصرية ، فالتحدي اليوم
أن تكون “التهدئة” بداية معالجة حقيقية لجذور المشكلة التي أثبتت الأحداث الأخيرة أنها جرح غائر في وجدان كل فلسطيني وعربي وانساني .
علينا العمل في المنطقة على وقف الاندفاع الجنوني إلى التسلح وخاصة أسلحة الدمار الشامل (إلزام إسرائيل بالتخلي عنها ..)
وحماية الشباب من الهجوم والضغوط التي يتعرضون لها ، عبر تعزيز عمل منظمات المجتمع المدني من أجل حقوق الانسان واستدامتها وزيادة فعاليتها ، وبناء مستقبل إيجابي بديل للأطفال وتمكين المرأة ، وتدوير الانتاج وزيادته وتمويله بدلاً من استهلاك المنتجات ، وتمويل الحروب .
علينا البحث عن أفضل الممارسات لمواجهة اللوبيات الضاغطة على سياسات الغرب اتجاه قضايانا العادلة ، والتصدي لقلب الحقائق بالشفافية لتحصين أنفسنا ضد الابتزاز والاستغلال .
إن للتشاركية السياسية أوجهاً ايجابية (وعلى الأخص في منطقتنا )، للحد من فساد الطبقة السياسية وتعزيز ورفع قدرات إدارة شؤون البلاد ، مع التطرق إلى محاور أساسية ؛ أهمها الواقع الحالي وما يعتريه ( الفساد ، الدستور ، الخدمات ، قوانين الانتخابات ، اللامركزية ، الخطط الاقتصادية ، التنمية ، تعزيز الاستقرار والسلام … )
لذلك لا بد من وضع خارطة طريق حول الحلول الممكنة لمعالجة الواقع الحالي ، واستراتيجيات العمل المستقبلي والامكانيات المتاحة للخروج نحو الأفضل لمستقبل الأجيال .
علينا توضيح مفهوم وتعريف السياسة ( يوجد عدة تعاريف ..) ولكن باعتقادي ان ما يتناسب مع منطقتنا الأوسطية يتجلى
” هو اسلوب التسوية السلمية للصراعات عبر الحوار والتفاوض للتوصل إلى حلول وسط توّفق بين كافة المصالح المتعارضة والمختلف عليها ”
وبالتالي هي العملية التي يمكن من خلالها أن يقوم الفرد بدور في الحياة السياسية بقصد تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية .. على أن تتاح الفرصة لكل مواطن بأن يسهم في وضع الأهداف والتعرف على أفضل الوسائل والأساليب لتحقيقها، وعلى ان تكون مشاركة المواطن ( عبر الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني أو النقابات .. ) في تلك الجهود على أساس الحرية وقناعاته والدافع الذاتي والعمل الطوعي الذي يترجم شعوره بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الأهداف والمشكلات المشتركة في بلده ، مع احترام القيّم التي يحددها المجتمع وفق العقد الاجتماعي الناظم لتلك العلاقات ، مما يتيح مساحة أوسع للأنشطة الادارية والمجتمعية التي يقوم بها أفراد المجتمع بهدف اختيار حكامهم وممثليهم ، والمساهمة في صنع السياسات والقرارات بشكل مباشر أو غير مباشر .
العالم اليوم منشغل بالحوار على بناء السلام والأمن ودعم التعافي بعد (وباء COVID 19 وعلى دول منطقتنا الانخراط في هذه الحوارات .. ) ومواجهة العديد من الأزمات العالمية التي أظهرت مدى ترابط الدول والشعوب لانعكاسها على الجميع إضافة الى البيئة وتغير المناخ ، مما يتطلب بناء أفضل وأقوى الشراكات على أساس الثقة والشفافية والمساءلة والمصالح المشتركة لما فيه خير الانسانية جمعاء . ويتطلب ذلك الحد من النزاعات البيئية والجغرافية ، وعلى الأخص العابرة للحدود حول المياه وحقوق دول المنبع والمرور ، وتلوث البحار والفضاء نتيجة عبث الانسان والانبعاثات الغازية والحرارية الضارة بكوكبنا والكائنات التي تعيش عليه .
نحتاج الى الديموقراطية وتعزيزها في الدول والمجتمعات للحد من الصراعات والعنف ، كما نحتاج الى تنمية و نمو أكثر إنصافًا ، ومزيد من التنوع وممارسات أكثر شفافية قائمة على الانفتاح على الاسواق مع زيادة التمويل من قبل المؤسسات المالية العالمية للاقتصاديات الناشئة وتعليق خدمة الديون ومعالجتها للنهوض المشترك عالمياً على أساس الثقة والشفافية والمساءلة ومجالات الفرص المتبادلة والمصالح المشتركة بما يحقق رفاه الانسان على هذه الأرض التي تتشبث بأهلها الذين يعملون من أجلها .
والى لقاء آخر …
مهندس باسل كويفي …
Discussion about this post