نفحات القلم \ حسين صقور
نتجاوز الآلام ضمن ملتقى جبلة التشكيلي ..الفينيق حسين صقور .. مكتب المعارض والصالات المركزي
على عتبة التشكيل ننشد الحب ونتجاوز الآلام وتستمر عجلة الحياة
لنمر عليها ضيوفا عابرين ويبقى ما نتركه من أثر عالقا وعابقا هو عطر المحبة يفوح على طول الطريق ما بين اللاذقية وجبلة أرض حبلى بالجمال تتلاطم الأمواج غربا لتفوح بأسرار السحر المختبئة في عمق البحر راكبة أنسام الربيع مع عطر الأزهار والورود المنثورة فوق بساطها الممتد على طول المسافة الفاصلة بين مدينتين على متن الحافلة كنا على موعد مع ملتقى سينبض لاحقا بإبداعات أرواح نقية تنشد المحبة عبر رسائل تشكيلية ليست سوى وسائل لغاية أسمى تبرر وجود الإنسان في هذا المكان وفي كل مكان
المكان مدرج جبلة الأثري الزمان 10-6-2023 ابتداءاً من الحادية عشر صباحا ولمدة أسبوع
على طول ذلك الممر الجانبي المحازي لبوابات المدرج الأثري كانت تنتظرنا لوحات عذراء تثير روح التحدي في ذواتنا المتعطشة لمضاجعة تلك السطوح البيضاء وتلطيخها بألوان المحبة عبر أساليب تتسم بالفنية وتعكس رؤى ومفاهيم بصياغة أسلوبية
عند نهاية الممر كان بانتظارنا القائمون على ذاك الملتقى المبارك والممول من وزارة الثقافة السورية الداعمة دائما وأبدا للفن رغم كل الصعوبات ومع عدة جهات أخرى داعمة ومتعاونة
عند نهاية الممر كان باستقبالنا مدير الفنون الجميلة الأستاذ وسيم عبد الحميد والداعم للملتقى الأستاذ بديع جحجاح اتخذ كل فنان مكانه أمام الحامل واللوحات القماشية المتعطشة لمعانقة اللون والسكين والفرشاة وأصابع الفنان ووو عبر أساليب عديدة وبدأت الأعمال تتبلور يوما بعد وزين الأطفال والزوار المكان عبر أسئلتهم البريئة التي تحمل الكثير من الشغف لفهم ماهية العمل ومعانيه وعبر اندفاعاتهم لأخذ الصور مع الفنانين وعلى خلفية الأعمال قيد الإنجاز… أما أنا فكنت أقول لهم وبصدق أنتم الفنانون الحقيقيون ونحن نتعلم منكم الفن .. الفن لعبة معيارها المتعة وبقدر ما تستمتعون بالرسم أنتم تسيرون على الدرب الصحيح
قضينا أسبوعا كاملا كسرنا الكثير من الحواجز فيه عبر حوارات سادها احترام الرأي الآخر والتفهم والتفاهم والحب
وفي اليوم الخامس أضفى حضور الناقد التشكيلي الأستاذ سعد القاسم جمالا على الملتقى من خلال الندوة التي أشار فيها لواقع الفن التشكيلي والدعم الوزاري قبل وبعد الأزمة إضافة للمشاركة الجميلة للفنان بديع جحجاح والتي برر فيها أسباب ومسببات الملتقى والكلمات والمداخلات الشفافة للحضور ومنهم مدير الفنون الأستاذ وسيم عبد الحميد والفينيق
أثمر الملتقى عن لوحتين أو أكثر لكل فنان وتوج عبر حضور أنيق ل وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح تكرمت فيه بتوزيع الجوائز والشهادات للفنانين بعد أن استمعت لشرح حول أعمالهم
و في مقالتي هذه وبعيدا عن الألقاب أمر على نتاجهم لأقول :
قدم مدير الفنون وسيم عبد الحميد تجمعاته الانسانية المبسطة في الجانب الذي يحقق معادلة التوازن وعبر ألوان شفافة متكاملة وصريحة تغطي مساحة المشهد النابض بأثر البيئة الساحلية والجبلية
وعبرعناية فائقة بسطح العمل تتسم بالشفافية وبمحاكات خاصة للتأثيرات الناعمة للفرشاة وفق تراتبية توشيحية قدم بديع جحجاح عمله مضيفاً مفردات إنسانية واقعية تعيش وتتعايش مع طبيعة البحر والريف ضمن البئة الساحلية
وقدم علي مقوص لوحته المألوفة والمعروفة عبر تكنيكه الخاص المنبثق عن رؤية غرافيكية الإيحاء للطبيعة الساحلية وبكل ما تضج به من إيحاءات و ملامح انسانية ونباتية ودروب وعرة ومتشابهة
بينما قدم عمار الشوا عملين ينتمي أحدهما للبناء الأكاديمي المتين ويصور مشهد بحري بطله والنقطة الذهبية فيه مركب كبير متوضع على الشط أما عمله الآخر فهو يوحي لونيا ببيئة البحر بأسلوب يمازج مابين طرش اللون السائل ثم معالجته وتقديم تشكيلات طباعية للطيور والنوارس البحرية
وتنتمي عوالم علي نزيهة الضبابية لمفهوم الإيحاء لما خلفها من مفردات واقعية عبر لعبة توشيح لونية تلقائية شفافة ومتجانسة
وبكثير من الأناقة المحسوبة يسير عمل كائد حيدر ممتدا لعوالم وشخوص تحمل أثر ثقافته عن قصص ألف ليلة وليلة
وبما يوازيها من أناقة خططت عدوية ديوب لأعمالها وقدمتها عبر شح لوني و حس مائي شفاف
أما رنا عثمان فهي ضمن لوحتها تسير في اتجاهين يترابطان من حيث واقعية الموضوع ويختلفان من حيث التكنيك والأدوات فبقدر ماتتسم به لوحتها المائية من حرص وشفافية في البورترية المشغول بعناية تتحرر نحو عمل أكثر تلقائية من خلال العجينة الزيتية
بينما غلب الحس التزييني على الطبيعة في أعمال باسل ابراهيم حين سعى للابتعاد عن التعبيرية والعودة للمشهد الطبيعي والواقعي
وعلى هذا المنوال الواقعي جاءت مشاركة رؤى حسن عبر عملين احدهما مقتطف من البيئة البحرية والآخر يخط خيوطه بحثا عن الخصوصية
وبكثير من الصبر قدمت هيام سلمان عملها الكولاج مستفيدة من قصاصات القماش الملونة والمطبوعة بمزيج لوني متجانس تستطيع أن تنتقي منه القصاصات التي تؤلف من خلالها مشهدها ورؤيتها الواقعية
وعبر سكينة لون واعية ومتمكنة طرح يعرب أحمد ذاك المشهد الطبيعي الانطباعي والواقعي من خلال الرؤية الكلية ..ثم التجريدي عبر الجزئيات واللمسات الحسية
وكذلك لرامي صابور عجينته الخاصة المشغولة بالسكين لتصير اللوحة عنده مكانا لمزج اللون وتحريكه باتجاه أفقي لازال يعمل عليه ضمن مجموعاته اللونية الخاصة
وتتضح شاعرية عامر علي من خلال تلك الحركة الانسيابية أحادية اللون المائع الغنيه بدرجاتها الشفافة والتي يشكل من خلالها العلاقة بين الأنثى والحصان
أما سموقان فلازالت ألوانه تضاء عبر حف وشحف للألوان ليزاح خليط اللون التراكمي مشكلا في بعض الأجزاء ذاك الحس الفسيفسائي وهو يعول كثير على مساحة اللون الواحد في الخلفية الأزرق لتتجلى شخوصه وتلك الأجزاء آنفة الذكر بكامل ألقها
وتبدو التعبيرية السمة الأكثر وضوحا في أعمال بسام ناصر وهي تتجلى عبر الملامح الطفوليه المتعاطفة ضمن تكوينات شاقولية وهو يعول على الأبيض الحاذف والكاشف النقي ليربط ويضيء مجموعه اللوني
يبقى أخيراً أن أشير لمشاركتي أنا الفينيق حسين صقور في هذا الملتقى عبر ثلاثة أعمال تنمي للتعبيرية التجريدية وعبر خصوصية يشي بها المجموع اللوني وتلخصها تكوينات وأشكال ومخلوقات قادمة من زمن كنت ولازلت أحلم به ل يسطع من عمق ذاك المكان المختبئ في اللاوعي والذي لازلت أعتبره المصدر الأكثر مصداقية لكشف واكتشاف ماهية وسر وجودنا في هذه الحياة
الفينيق