التطرف والديموقراطية والانتخابات الامريكية.
في الشرق الأوسط تجدون، باقة متنوعة مما كانت عليه أوروبا وأمريكا في القرن السابع عشر، حيث عاشتا لسنين طويلة ولا سيما أورابا حروباَ وجودية بسبب الدين، أو المذهب، أو العرق، هذا بالإضافة الى الاستبداد مما نتج عنه الفقر، وعدم المساواة والتمييز، والأمية، والبطالة، و حيث السياسات الشمولية ، و الصراعات الجيوسياسية لها الأسبقية مقارنة بالحق في الحياة والكرامة الانسانية.
ان الاعتقاد السائد بعزل مناطق الصراع في المنطقة عن باقي العالم المترابط بوجود تقنيات متقدمة يعرض جميع دوله لتبعات يصعب تداركها. انها ليست فقط مسألة أخلاقية وانما مسألة بقاء للبشرية.
المأساة هو آن الشرق الأوسط يمتلك كل الموارد البشرية والطبيعية التي تؤهلها للتقدم والاستقرار ، الا ان غياب الحكم الرشيد لدى بعض الأنظمة بالاضافة للتدخل الأجنبي في عدد من الدول قصير النظر غير الاخلاقى وغير القانوني ، يجعل استمرار الوضع الحالي الى المخاطرة بتدمير المنطقة بل والعالم بأسره نتيجة أسلحة الدمار الشامل المتواجدة في المنطقة والتي قد تصل الى حوزة المجموعات الإرهابية التي تشكلت وانتعشت وتمددت بسبب ما توفره لها من دعم بعض الدول المتورطة في تصدير الإرهاب .
، كما أدت نماذج التنمية السائدة في المنطقة إلى التهميش السياسي، والحرمان الاقتصادي، والإقصاء الاجتماعي، وإلى تزايد التفاوتات في الدخل وفرص العمل ، وظلت جهود التحول الهيكلي للاقتصادات العربية غير مكتملة، إذ تميزت بتوليد وظائف منخفضة الإنتاجية، وبانخفاض حصة الاستثمار، وبالمخرجات المنخفضة للصناعات التحويلية والزراعة ولقطاع الخدمات. . وبدت الاقتصادات العربية غير قادرة على إنتاج ما يكفي من فرص العمل وبالسرعة كافية.
وفاقمت النزاعات العديدة وطويلة الأمد التي شهدتها المنطقة من صعوبة الأوضاع. وقد لاقت بعض محاولات الحل ، قدراً من النجاح ولكن ربما بما لا يكفي لإحداث تغيير جذري في مفهوم التنمية المستدامة وتشغيل الشباب وسيادة القانون ومفهوم المواطنة والحد من البطالة.
كان يتعين على دول العالم أن تدرك أنه لا يمكن ترك قضايا ، مثل القضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة تتقيح لعقود وملايين يعيشون اما كلاجئين، أو تحت الاحتلال ، أو في شتات، دون أن ينتج عن هذا الوضع احساس مستشر عميق بالمهانة. و أصبح هذا المزيج من البؤس، والقهر، وفقدان الكرامة عاملا أساسيا فيما نراه اليوم من تطرف مقيت يسود المنطقة . لقد أدت الصراعات في المنطقة وافريقيا الى فرار الملايين من الناس أملا في ملاذ آمن في دول الغرب و غيرها.
وبما أن الصراعات تدور في الجغرافية، فإن علم الجيوسياسة يسلط الضوء على جذور ومصادر الصراعات، والدوافع التي تتحكم باللاعبين العالميين ، لذلك فعلم الجيوسياسة يعيد أي صراع إلى ثلاثة أجزاء متفاعلة مع بعضها البعض وهي:
الصراع من أجل السيطرة على الموارد.
الصراع من أجل السيطرة على الجغرافيا.
الصراع من أجل الهيمنة الايديولوجية والعرقية والوطنية.
، ولكي تتم السيطرة على الجغرافية فهي بحاجة إلى حروب والتي تحتاج بدورها إلى وجود غطاء ثقافي أو إيديولوجي لكي تُبرر القتال والفوضى، فالأهمية الجغرافية للوطن العربي ودوله وبخاصة سورية، والمحاولات العديدة عبر العصور للسيطرة عليه من قبل مختلف القوى الإقليمية والدولية لا تخفى على أي أحد ، واعتبار هذا الجهد قد ولِدَ ووظف في سياق خدمة ائتلاف مصالح دولية إقليمية لا تمثل الشعوب بالنسبة لها سوى أدوات تنفذ بها سياساتها، سياسية يثبتها التاريخ، يقصد بها رمي الشعوب بالسذاجة والجهل السياسي، وكذلك الأنظمة و”النخب” السياسية والاجتماعية التي تعمل على تثبيت وجودها في المجتمعات والمنطقة ، هذه السياسات أودت بشعوب المنطقة نتيجة الظلم والقهر والتهميش إلى اللامبالاة، و جعلت تلك البلدان من الهشاشة بمكان يُمكِن باقي الدول من تدميرها من الداخل بحملة إعلامية .وليست عسكرية.في ظل غياب الديموقراطية والتشاركية وسيادة القانون والمساواة ….
تبين الانتخابات الامريكية وصعود نجم دونالد ترامب الرئيس المنتخب بالرغم من استطلاعات رأي واعلام أمريكي وغربي راهن عكس ذلك ، خوف وخشية الناخب الامريكي ، ففي المشهد الداخلي نلاحظ ان الناخب الامريكي يرى ومنذ سنوات، واستطلاعات الرأى العام تظهر تململ الطبقة الوسطى ــ خاصة فى شرائحها الدنيا ــ من تنامى ظاهرة الهجرة غير الشرعية. ونقاشات السياسة فى العاصمة واشنطن ترفض التناول الموضوعى لأسباب تململ الطبقة الوسطى خشية التورط فى ترديد مقولات عنصرية عن الأمريكيين اللاتينيين، وعن قوة العمل الرخيصة التى أصبحوا يمثلونها فى الاقتصاد الأمريكى، وعن منافستهم الشرسة للمواطنين الأمريكيين وللمقيمين الشرعيين على أماكن العمل فى بعض قطاعات الخدمات. منذ سنوات، وتململ الطبقة الوسطى يترك لوسائل الإعلام اليمينية ولبعض المنظمات الدينية والحركات الاجتماعية ذات التوجه المحافظ ليس بهدف ترشيده الاشتباك الإيجابى مع مجتمع المهاجرين غير الشرعيين، بل لبلورته كقوة ضغط لإبعادهم ومنع وصول المزيد منهم إلى الأراضى الأمريكية.
اما في المشهد الدولي مواجهة روسية أوروبية أمريكية في أوكرانيا وتصعيد جديد في سورية دون اعتبار للاعتراضات الأوروبية الأمريكية.. أعقبها إلغاء زيارة بوتين لفرنسا وحشد للقوات الأوروبية علي الحدود الروسية وتوجه حاملات الطائرات الفرنسية إلي قرب السواحل السورية وازدياد حركة الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط .
وإذا انتقلنا إلي كوريا ما بين الشمالية والجنوبية نجد أيضا تصعيدا عنيفا بتكرار إطلاق كوريا الشمالية القادرة علي حمل رؤوس بالستية وازدياد التوتر من قبل جيرانها في كوريا الجنوبية واليابان ولا يعرف أحد رد الفعل الصيني والروسي.. وعلي الجانب الآخر نري تصعيدا وتراشقا بين الهند وباكستان في خضم صراع عمره اكثر من 50 عاما ، في ظل تقارب الدول العظمي مع الهند التي تتمتع بعلاقات قوية مع روسيا وأمريكا ودول أوروبا بينما لا تحظي باكستان بنفس المستوي من العلاقات.
ثم ان محاربة داعش من الموصل في العراق الى حلب والرقة –في سورية والتدخل التركي والمشاركة الكردية واشتعال الجبهات في اليمن والتدخل السعودي والتحدي الإيراني ، كل ذلك ينذر بعواقب وخيمة على المنطقة كلها قد تصل إلى الاحتكاك بين الروس والامريكان لا ندرك خطورته.
إن كثرة هذه المواقع الملتهبة والمواجهات المرتقبة قد يشعل فتيل حرب قد لا تكون حربا عادية ودون مبالغة ستكون حربا عالمية مدمرة ..
فاذا جمعنا المشهدين الداخلي والخارجي نرى انتخاب ونجاح ترامب في الانتخابات دليل عدم الرضا على سياسة اوباما والقلق من استمرارها .
وفيما يتعلق بالتصريحات المثيرة للجدل التي اطلقها الرئيس المريكي ترامب خلال حملته الانتخابية ولا سيما ما يتعلق بموقفه من اللاجئين بل ومن المسلمين في امريكا وموقفه من ايران واستعداده لضرب اسطولها العسكري فإننا نرى أن مجمل تلك التصريحات يندرج في اطار الدعاية الانتخابية أما ما نأمله في تصريحاته حينذاك فيما يخص التعاون مع روسيا أن تكون صادقة إذ أن ذلك ينعكس على الاستقرار والسلام العالمي وإعادة ترتيب الأوراق والملفات بعد مرحلة الخلط والفوضى الخلاقة التي بدأتها كونداليزا رايس في عهد بوش الابن واستمر بها عهد اوباما ( بالرغم من إدراكنا ان السياسة الامريكية تحددها المؤسسات والمصالح وليس الرئيس ) ونعتقد اذا صدقت تلك الاقوال والنوايا أن يحصل انزياح في السياسة الامريكية قد ينجم عنه ربيع حقيقي خلال ربيع المنطقة القادم.
سورية للجميع وفوق الجميع والى لقاء اخر.
المهندس باسل كويفي
Discussion about this post