عاد الجدل من جديد حول الدين العام في ليبيا، بعدما صرح رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بأن ديون البلاد “تجاوزت 100 مليار دينار” (حوالى 22 مليار دولار)، في بلد ظل لسنوات قريبة لا يسجل عجزا في ميزانيته العامة.
وأصدر فرع مصرف ليبيا المركزي في المنطقة الشرقية إيضاحا، الأحد، قال فيه إن الدين العام “هو وليد أزمة اقتصادية خانقة، تمثلت في انهيار أسعار النفط خلال الأعوام الماضية، في الوقت الذي كانت تخوض فيه البلاد حربا على الإرهاب”، كما أرجعه أيضا إلى “الصراع السياسي”.
وطلب إيضاح الحقيقة كاملة عن إجمالي الدين العام بالفرعين، “طرابلس وبنغازي”، والتحقيق فيما جاء في التقرير الصادر مؤخرا من مكتب المراجعة الدولية “ديلويت”، بشأن عمل “المركزي”، الذي أكد فيه أن فرع المصرف في المنطقة الشرقية قام بصرف مبالغ لسندات “قانونية” مقدمة من وزارة المالية بالحكومة الموقتة، وذلك بمعرفة مجلس النواب، وهي “سندات موثقة”.
وعلى الجانب الآخر، فقد سلط تقرير سابق لمنظمة “غلوبال ويتنس” الدولية، غير الحكومية الضوء على “الاحتيال المتفشي” في المصرف بطرابلس، تحت إدارة المحافظ الصديق الكبير، المدعوم من تنظيم الإخوان.
وتحدث عن “الانتهاكات” في نظام خطابات الاعتماد بالمصرف، وكيف تستغل ملايين الدولارات من الأموال العامة من أجل تمويل الميليشيات والجهات “الخبيثة” الأخرى “المكرسة لزعزعة استقرار البلاد”.
“الصديق وآخرون مسؤولون”
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة قاريونس في بنغازي، عطية الفيتوري، إن الكبير ومن معه هم المسؤولون عن “إرباك الاقتصاد”، وإدخال البلاد في دوامة التضخم وانخفاض الدخل الحقيقي وإفقار الناس.
وأضاف الفيتوري: “ليبيا دولة غنية ولديها أكبر مخزون نفطي في إفريقيا، لكن مع ذلك كثير من أفراد الشعب الليبي يعيشون تحت خط الفقر، ومحرومون من بنية أساسية سليمة، وتنتشر بينهم البطالة والسبب الفساد وتبديد المال العام في غير أوجه الصرف الصحيحة والإدارة السيئة للاقتصاد”.
وأكد أن الاقتصاد الليبي “أصبح فى وضع لا يحسد عليه، في ظل عدم استقرار سوق السلع وارتفاع الأسعار دون مبرر، والتفاوت الكبير فى دخول الأفراد، حتى مع تساوي الخبرة والمؤهل، وانتشار الفساد المالى والإداري بشكل كبير، وعدم وجود جهة حازمة يمكنها حماية المستهلك”.
وفي مطلع أكتوبر الجاري، تقدم 12 نائبا بالبرلمان الليبي بطلب إلى رئيس البرلمان عقيلة صالح لإيقاف الكبير، وإحالته لمكتب النائب العام للتحقيق فيما نُسب إليه من اتهامات بإهدار 1.5 مليار دولار.
وكان مصدر هذه الاتهامات ما كشفه تقرير لديوان المحاسبة عن إهدار المال العام في المصرف المركزي، وهو تقرير صدر للعام 2018، إلا أن المجلس الأعلى للدولة أخفاه، ولم يتسنَّ الوصول إليه إلا مؤخرا.
“الأموال صرفت على المرتزقة”
وفي هذا السياق، يقول الباحث السياسي الليبي، فرج زيدان، إن المصدر الأساسي للإيرادات في الميزانية العامة بليبيا هو النفط، وذهبت خلال الفترة الماضية كمرتبات ومستحقات للمرتزقة السوريين، والمعدات العسكرية التي جلبت من أجل قتال الجيش الليبي، خلال محاولته الأخيرة من أجل تحرير العاصمة طرابلس من المجموعات المسلحة والميليشيات.
وشدد زيدان، على أن الفساد الممنهج استشرى في المصرف المركزي تحت إدارة الصديق الكبير، من خلال تهريب النقد الأجنبي عبر الاعتمادات المستندية، التي تصدر لجهات بعينها، في حين ظلت المقاصة مغلقة على المصارف التجارية في المنطقة الشرقية وحتى الآن.
وظلت ليبيا إلى فترة ليست بالبعيدة دون أي ديون داخلية أو خارجية، حتى أصبحت الآن تسجل دينا داخليا تجاوز 100 مليار دينار، وذلك رغم ما تملكه من موارد نفطية يمكنها أن تحقق فائضا، وليس عجزا في الموازنة العامة.
Discussion about this post