رغم اتجاه السلطات في مالي إلى التفاوض مع “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، إلا أن خبراء يحذرون من تصاعد نشاطها بشكل غير مسبوق، مستقوية في ذلك بالحاضنة العرقية المحلية، وتراجع الوجود الفرنسي، وصعود حركة طالبان في أفغانستان.
ووفقا لتقرير مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية (مقره واشنطن) فإن “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، ولاسيما جبهة تحرير ماسينا- عضوة الجماعة- باتت أكثر التنظيمات نشاطا في منطقة الساحل التي شهدت زيادة في العمليات الإرهابية 33 بالمئة بدايةً من عام 2020، وهو تصعيد قياسي للعنف منذ 2016.
التقرير الصادر في سبتمبر ذكر أن منطقة الساحل شهدت 1552 نشاط إرهابي في 2021، بزيادة 16 ضعفًا مقارنة بعام 2020، نتيجة عمليات “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” المصنفة على قائمة الإرهاب الأميركية، والموالية لتنظيم القاعدة.
ورفعت أحداث العنف معدل الوفيات الناجمة عن النشاط الإرهابي بنسبة 20 بالمئة في 2021 (إلى أكثر من 2400 حالة وفاة).
التأسيس رغم وجود “برخان”
في 2012 سيطر تنظيم “أنصار الدين” الإرهابي على مدن” تمبكتو، وكيدال، وغاو” في شمال مالي، معلنا إقامة “إمارة إسلامية”، غير أنها سقطت بتدخل عسكري فرنسي عبر عملية “سرفال”.
وفي 2014 تشكلت عملية “برخان” وهي قوات فرنسية تحل محل “فرسال”، وأعلنت أن هدفها مكافحة الإرهاب في مالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا والنيجر، قوامها ما بين 3000- 4500 مقاتل.
إلا أنه في 2017 تشكَّلت “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” من تحالف جماعات: “أنصار الدين” و” جبهة تحرير ماسينا” و”تنظيم المرابطون” و”إمارة منطقة الصحراء”، ونفذت 640 هجوما من 2017-2020، أي 64 بالمئة من العمليات في الساحل والصحراء.
وشجَّع هذا زعيم التنظيم، أياد أغ غالي، أن يرسل عبر تسجيل صوتي تهنئة لحركة طالبان بسيطرتها على أفغانستان؛ ما يُظهر آمال التنظيم في تكرار تجربتها.
الحاضنة العرقية
وعبَّر الباحث في “مركز راند” الأميركي للاستشارات الأمنية مايكل شوركين، لموقع “سكاي نيوز عربية”، عن مخاوفه من سيطرة “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” على شمال ووسط مالي، وتهديد قبضة الحكومة على العاصمة باماكو، وخاصة أن “جبهة تحرير ماسينا” لديها تمويل قوي، وتبسط نفوذها على السكان في المناطق المنتشرة فيها.
وفي يونيو، أعلنت فرنسا إنهاء عملية برخان، حيث ستخفض قواتها إلى 2300 بحلول 2023، وتحويل مهمتها من قتال إلى تدريب ومرافقة للقوات الحكومية، على أن تتركز وسط مالي والمنطقة الحدودية بين مالي بالنيجر وبوركينا فاسو.
ودفع هذا رئيس وزراء مالي، شوغل كوكالا مايغا، إلى أن يتهم فرنسا بالتخلي عن بلاده، معلنا بحثه عن شركاء آخرين، في إشارة إلى مقاتلي شركة “فاغنر” الروسية.
طريق آخر تسلكه سلطات مالي بعد عجزها عن كبح الإرهابيين، وما تعتبره فشل فرنسا، وهو إعلان المجلس العسكري التفاوض مع “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، خاصة وأن حوادث القتل والسطو والتفجير صارت شبه يومية ولم تعد خبرا.
وقال المحلل السياسي من مالي إبراهيم صالح، لـ”سكاي نيوز عربية” في وقت سابق، إن المفاوضات تستند على أن أعضاء الجماعة من الماليين وليسوا أجانب؛ حيث تعتمد في تمددها على الحاضنة القبلية والعرقية، إضافة إلى المناطق الصحراوية والغابات التي تسهل له حرية الحركة والاختباء.
وتشحن هذه الجماعة عروق أتباعها بحلم إقامة دولة خاصة بالعرقيات المنتمين إليها في شمال مالي، معتمدة على تغذية عقدة الاضطهاد وأنهم تعرضوا للتهميش الحكومي.
Discussion about this post