أدلب … بين القوة الناعمة والصلبة …
مع الحوار – مهما قسى – وحصر الخلاف ضمن رؤية وطنية للإنقاذ…لا تقتضي وحدة رأي بل وحدة مسار وهدف…فالفترات الحرجة تتعدد اجتهاداتها.. وتكثر أخطاؤها..
وتنجو الأمم لو أقر عقلاؤها المختلفون بتحمل المسؤولية.. وتغرق لو اكتفوا بتقاذف التهم..
القوة الناعمة أو الليّنة، هي مصطلح سياسي حديث العهد، عرفه الفلاسفة والسياسيون القدماء بتعابير متعددة منها مثلاً (التأثير والإقناع والثقافة والنموذج).
وتعني القوة الناعمة من وجهة نظر (جوزيف ناي)، القدرة في الحصول على ما نريد من خلال الجذب بدلاً من القسر أو الدفع.. وهي أحد مصادر التأثير.. وهي أيضاً الإغراء والجذب. ويشير (ناي) إلى أن القوة الصلبة، تعني القوة المشتركة السياسية والاقتصادية والعسكرية، أي القوة في صورتها الخشنة التي تعني الحرب، والتي تستخدم فيها الجيوش. وتعني هذه القوة الدخول في مزالق خطرة، ونتائجها تكون في منتهى الخطورة على الدولة ذاتها .
ان إسقاط الطائرة الروسية ايل ١٢ خلال العدوان الاسرائيلي على اللاذقية مساء الاثنين 1792018 ،يطرح السؤال الهام : هل هو إسقاط لحكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو؟……واحتمال عودة اليمين المعتدل او احزاب اليسار لتمرير صفقة القرن ( معدلة ) بانعكاساتها على الإقليم والعالم ، وخصوصا بعد ان باءت سياسة واشنطن ( ترامب) بنقل السفارة والغاء حق العودة بأحادية أمريكية فقط…
ان التشابكات والتعقيدات الإقليمية والدولية تلقي بظلالها على المنطقة المنزوعة السلاح حول أدلب ( الاتفاق الروسي- التركي ، الذي حظي بموافقة الدولة السورية والغرب وإيران ..) مما افقد الغرب وقواته المحتشدة في البحر المتوسط والخليج العربي .. حجة القيام بضربة عسكرية لسورية ، وهل سنبقى في سورية عرضة لتقاسم المصالح والتسويات الإقليمية والدولية على حساب الشعب السوري الذي يتوق الْيَوْم الى وقف نزيف الدم وحق الحياة وبناء الانسان والإعمار.
وفي سياق آخر, لقد شهد الأسبوع الماضي ، بدء المداولات العامة رفيعة المستوى للدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة, وكان مناسبة تجمع قادة العالم بالمقر الدائم في نيويورك لمناقشة القضايا العالميّة, وقد تحدث السيد الأمين العام غوتيريس , امام الجمعية العامة, قائلا:
· ”هناك حالة من السخط على عدم قدرتنا على إنهاء الحروب في سوريا واليمن. وما زال شعب الروهينغا يعاني الصدمات والبؤس ويتوق إلى الأمان والعدل. ولا يزال الفلسطينيون والإسرائيليون أسرى صراع لا ينتهي.”
واما السيد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون , فقد تحدث قائلا:
· “أعيد تأكيد موقف بلادي الساعي لتثبيت حق العودة الكريمة والآمنة والمستدامة للنازحين إلى أرضهم والرافض كل مماطلة أو مقايضة في هذا الملف الكياني أو ربطه بحل سياسي غير معلوم متى سيأتي ….”.. واضاف : ” السوريون الذين نزحوا إلى لبنان ليسوا لاجئين سياسيين باستثناء قلة” .
والسيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحدث عن :
· “إن حماية حقوق الإنسان لن تتحقق بالتشهير الإعلامي وتسييس آليات حقوق الإنسان … وتمتلك مصر أساسا دستوريا راسخا لحماية حقوق الإنسان بأشمل معانيها، وقد شهدت قفزات نوعية، خاصة في مجال تمكين المرأة والشباب .
وتحدث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمام الجمعية العامة, بالقول:
· ” إن الحل القائم على وجود دولتين هو الذي يمكن أن يلبي تطلعات الطرفين”.
وفي المداولات العامة للجمعية العامة شدد أر دوغان الرئيس التركي على ضرورة:
· ألا يلتزم زعماء العالم الصمت تجاه استخدام العقوبات الاقتصادية كأسلحة ، واضاف أر دوغان:” الدول التي تدعم الإرهاب في سوريا ستشعر بالندم في المستقبل”.
واكد السيد روحاني الرئيس الإيراني, على ان:
· ” العقوبات الأحادية إرهاب اقتصادي. وان : “الحوار أفضل سبيل لحل الخلافات، ولكنه يجب أن يسير في اتجاهين وأن يقوم على أساس المساواة والكرامة.”
اما الرئيس الأميركي السيد دونالد ترامب فقد تحدث على ان:
· ” النظام الإيراني يصدر العنف والإرهاب والفوضى، وهو الراعي الرئيسي في العالم للإرهاب”. وشدد السيد ترامب، أمام مجلس الأمن، ” على ضرورة عدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية”.
· لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بين في خطابه على انه لديه اعتراف مهم قائلا: “عندي اعتراف مهم، قد يفاجئكم، صفقة إيران (النووية) كانت لها نتيجة واحدة إيجابية غير مقصودة وهي التقريب بين إسرائيل والكثير من الدول العربية بشكل لم يحدث من قبل، بدفء وصداقة لم أشهدهما في حياتي.”
اما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فقد تحدث على ان :
· ” إسرائيل تمارس العنصرية وتوجت ذلك بقانون القومية للشعب اليهودي, القدس ليست للبيع، وحقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للمساومة”.
الوضع السوري الداخلي:
· على الصعيد الاقتصادي – الاجتماعي – البيئي، يجب المساعدة على تسريع وتيرة الاستثمارات ( الطاقة البديلة) في تقنية تخزين الطاقة الكهربائية بالبطاريات، حتى يمكن استخدامها بتكلفة ميسورة وعلى نطاق واسع ، واستخدامها في وسائط النقل بدلا من النفط ومشتقاته ( وهي خطة تعمل عليها العديد من البلدان لترسيخها قبل عام ٢٠٢٥) وبما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني والحفاظ على البيئة .
نظرة محدثة إلى مستقبل إدارة النفايات الصلبة.
· بما يوفر المزيد من فرص العمل الحقيقية والمستدامة الإنتاجية، مع تحديد وتحديث أسلوب العمل والتفكير في تمويل التنمية. وبالبناء على جهود تعبئة الموارد المطلوبة للاستفادة من كل مصادر التمويل والخبرات والحلول لزيادة النمو المستدام. بالرغم من تحديات معقدة تقترن بارتفاع التكلفة.
· ولن تتحقق أهداف التنمية المستدامة بدون حلول أوسع نطاقا، وذلك بالاستفادة من الجهود التي توفر المزيج السليم من الموارد للمساعدة على التحرك السريع نحو الوفاء بالأهداف الإنمائية. وهذا يتضمن دورا أكبر للقطاع الخاص كمصدر للتمويل والابتكار والخبرة.
اما على الصعيد السياسي الداخلي …
بحضور العديد من القوى الوطنية والسياسية والمجتمعية ..فقد اقام حزب الشباب للبناء والتغيير ، ورشة الحوار السوري – السوري الثالثة في حلب ( يوم السبت ٢٢ أيلول / سبتمبر ٢٠١٨ ) استمرارا لنشاطاته الحوارية في المحافظات السورية بعنوان ” نحو حوار متجدد لأجل سورية موحدة تشاركية متجددة “
وفي الكلمة الافتتاحية , ببداية اعمال الورشة , اكدت السيدة بروين ابراهيم , الأمين العام لحزب الشباب للبناء والتغيير : على ضرورة الحوار الوطني والتشاركية وعدم الاقصاء للوصول الى مستقبل افضل …
وبعد حوار جاد ومسؤول وايجابي توافق الحضور على القضايا التالية :
1- اعتبار الحوار السوري – السوري الداخلي , وفتح مساره سريعاً , مدخلاً ووسيلة مفتاحية ضرورية , وحتمية في الخروج من الأزمة بأقل التكاليف وكذلك سحب أخطر الملفات من تداول القوى الخارجية
2- إن أهم التحديات الوطنية هي :
· مواجهة وهزيمة الإرهاب الأصولي، والاحتلالات …. + إجراء تغيير ديمقراطي تدريجي تراكمي، آمن عبر حوار داخلي تشاركي وتوافقي بين الأطراف الوطنية الداخلية وفي مقدمتها السلطة ، بالإضافة الى معالجة بقية الملفات الأخرى التي فرضتها الازمة ( الملف المعيشي , والإنساني , واللجوء والنزوح , والأمان العام ، وقضايا حقوق الإنسان , والاعتقال , والخطف , والحصار الاقتصادي , والعقوبات أحادية الجانب )
3 ـ تشجيع الاطراف الوطنية الداخلية على دخول عمليات حوار جادة وسريعة (رؤى تشاركية حول لجنة الدستور وسوتشي، وللمعارضة الوطنية الداخلية , والمجتمع المدني )
ويبقى التساؤل مفتوحا حتى الان حول بدء عمل اللجنة الدستورية وبانتظار انطلاق نشاطاتها، وهل سيكون في تشرين اول – أكتوبر حسب تصريحات المبعوث الدولي الخاص الى سورية السيد دي مستورا وفق التوافقات الإقليمية والدولية؟
ونؤكد من جديد ان المبدعين والمتفوقين ذوي الشخصية المستقلة الذين لا ينافقون بوطنيتهم وانتماءهم السوري، هم الأكثر قدرة على تحقيق نهضة البلاد..
فالأوطان لا تتقدم دون عدالة، القانون لا يكون قانوناً … إلا اذا كان مبنياً على مفهوم العدالة ، القوة لم ولن تكون الحل ، الأوطان تبنى بالحرية ضمن القانون والتشاركية واحترام الرأي والراي الاخر ، وبالعلم والشفافية وليس بالجهل ،وبالشراكة الحقيقية لا بالإقصاء، وبالأمل وبناء الثقة ،وبالمؤسسات والعمل المؤسسي ، بالعدل والمساواة والتوافق المجتمعي …ونبذ العنف مدخلنا الوحيد الى الحفاظ على سورية ، وغير ذلك انتحار جماعي للمجتمع والقيم …
سورية للجميع … وفوق الجميع …
والى لقاء اخر …
المهندس باسل كويفي
Discussion about this post