التحديات
شهدت وفيات الأطفال انخفاضاً في معظم البلدان خلال العقود الماضية، ومع ذلك، فقد ظلت وفيات الأمهات والمواليد كما هي إلى حد كبير.
تمثل وفيات الأطفال حديثي الولادة 40 في المائة تقريباً مما يقدر بنحو 9.7 مليون وفاة من الأطفال دون سن الخامسة، وتمثل ما يقارب 60 في المائة من وفيات الأطفال الرضع دون سنة من العمر. ويعني هذا أن احتمالات تعرض الطفل للوفاة في اليوم الأول من الحياة أكثر بحوالي 500 ضعف من احتمالات الوفاة في عمر شهر واحد. ويحدث أكبر عدد مطلق من وفيات المواليد في جنوب آسيا – وتساهم الهند بربع المجموع العالمي – ولكن أعلى المعدلات الوطنية لوفيات المواليد توجد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وهناك عامل مشترك في هذه الوفيات هو صحة الأم. حيث تموت أكثر من 500000 امرأة كل سنة أثناء الولادة أو بسبب مضاعفات أثناء الحمل. وتكون فرص وفاة الاطفال الذين تتوفى أمهاتهم أثناء الولادة أكبر بكثير في السنة الأولى من الحياة عن الأطفال الذين تظل أمهاتهم على قيد الحياة. وتحدث تسعة وتسعين في المائة (99 في المائة) من وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة في العالم النامي، حيث لا تزال أكثر من 50 في المائة من النساء يلدن دون مساعدة من عاملين صحيين مدربين. ويمثل هذا مثالاً قوياً لعدم الإنصاف والحصول على الرعاية الجيدة.
وتحدث ثمانون في المائة من الوفيات النفاسية نتيجة لأسباب تتعلق مباشرة بالتوليد مثل النزيف والعدوى وارتفاع ضغط الدم في الحمل ومضاعفات الإجهاض غير الآمن. ومقابل كل امرأة تموت من المضاعفات المتعلقة بالولادة، تعاني نحو 20 امرأة أخرى من حالات الإصابة والعدوى والإعاقات والتي عادة لا تعالج ويتم تجاهلها، ويمكن لهذا أن يؤدي إلى الألم مدى الحياة والإقصاء الاجتماعي والاقتصادي. وغالبية هذه المضاعفات لا يمكن التنبؤ بها ومنعها.
وجميع النساء الحوامل معرضات للخطر ويمكن أن تحدث لهن مضاعفات في أي وقت أثناء الحمل والولادة وبعد الولادة. ومع ذلك، يمكن للنساء والأسر أن تتعلم كيفية تجنب الحمل المرغوب فيه، وإذا حدثلحمل، يمكنهم أن يتعلموا أهمية تلقي الرعاية السابقة للولادة، وكيفية التعرف على علامات الخطر، والتخطيط للإحالة في حالات الطوارئ، وعمل خيارات آمنة عند الولادة. وعندما تحدث مشاكل، وتتم الإحالة في الوقت المناسب، يمكن معالجة المضاعفات في المرافق الصحية المجهزة بشكل كاف بالمستلزمات والأدوية، والتي يعمل بها فريق عمل كامل من العاملين الصحيين المدربين والمهرة.
الحلول
يعتبر تحسين الصحة والتغذية لأمهات المستقبل وتوفير خدمات الصحة الإنجابية الجيدة من الأمور الأساسية في التصدي للأسباب الكامنة وراء الكثير من وفيات الأطفال.
مع حدوث حوالي 50 في المائة من وفيات المواليد في غضون 24 ساعة من الولادة، وما يصل إلى 75 في المائة في الاسبوع الأول بعد الولادة، يجب أن تركز الاستراتيجيات على نهج الرعاية المتواصلة. ويشمل هذا النهج تحسين فرص الحصول على رعاية ما قبل الولادة أثناء الحمل، وتحسين إدارة عملية الولادة الطبيعية بواسطة قابلات ماهرات، والحصول على الرعاية التوليدية الطارئة والرعاية بعد الولادة عند الحاجة إليها، وتوفير الرعاية بعد الولادة في الوقت المناسب لكل من الأمهات والمواليد. وبالإضافة إلى تعزيز الصلات بين مختلف مستويات الرعاية في المرافق الصحية، تشير الرعاية المتواصلة كذلك إلى تعزيز الروابط بين المجتمع والمرافق الصحية.
وليس صحيحاً أن نفترض أن وحدات رعاية الأطفال حديثي الولادة المرتفعة التكلفة في المستشفيات هي السبيل الوحيد لعلاج الأطفال حديثي الولادة المرضى. هناك الآن أدلة تثبت أنه يمكن خفض نسبة كبيرة من وفيات وأمراض الأطفال حديثي الولادة عن طريق تنفيذ تدخلات بسيطة ومنخفضة التكلفة أثناء الولادة وخلال الأيام الأولى الحرجة والأسبوع الأول بعد الولادة، في المؤسسات والمنزل. وتشمل هذه التدخلات الأساسية تجفيف المولود والحفاظ على دفء الرضيع؛ وبدء الرضاعة الطبيعية في أقرب وقت ممكن بعد الولادة ودعم الأم لتقوم بالرضاعة الطبيعية الحصرية، وإعطاء عناية خاصة للرضع منخفضي الوزن عند الولادة، وتشخيص وعلاج مشاكل المواليد مثل الاختناق والتسمم.
وتمثل معظم التدخلات الأساسية ممارسات رعاية يمكن أن توفرها الأسر بنفسها. ويمكن للأسر أيضاً أن تستعين بالعاملين الصحيين المحليين والذين يمكن أن يتواجدوا عند الولادة لرعاية الأطفال حديثي الولادة و/أو يقوموا بالزيارة مرة في غضون 24 ساعة الأولى، ومرة أو مرتين إضافيتين خلال الأسبوع الأول. حيث تحدث أكثر من 50 في المائة من وفيات المواليد في المنزل، والهدف طويل المدى وهو تدريب أعداد كافية من القابلات ليحضرن جميع الولادات لن يكون واقعاً في العديد من البلدان لسنوات قادمة. ويقدر الخبراء أن توفير هذه التدخلات الأساسية على نطاق واسع (أكثر من 90 في المائة من التغطية) في المجتمع وفي المرافق الصحية يمكن أن يقلل من معدلات وفيات المواليد بنسبة 70 في المائة.
خلال العقد الماضي، تبنت اليونيسف رؤية شاملة تستند إلى الحقوق لصحة الأم. ولتحقيق هذه الغاية، تعمل اليونيسف لتعزيز دور المرأة ومنع زواج الأطفال وزيادة تعليم الفتيات والتثقيف والقضاء على ختان الإناث ودعم تطوير المهارات الحياتية لدى اليافعات. وتدعم اليونيسف تحسين رعاية ما قبل الولادة والتحصين ضد التيتانوس، وتقديم الناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية، والعلاج الوقائي المتقطع، والتغذية، والوقاية من انتقال فيروس نقص المناعة البشرية من الأم إلى الطفل، وزيادة فرص حصول المرأة على علاج فيروس الأيدز. وتبعاً لاحتياجات البلد، تدعم اليونيسف أيضاً تدريب القابلات الماهرات وبرامج الرعاية التوليدية الطارئة، ومؤخراً، تدعم تحسين مبادرات رعاية المواليد ورعاية ما بعد الولادة.
وقد كشفت الأدلة الحديثة، الموضحة في سلسلة لانسيت حول بقاء الطفل (2003)، وبقاء الأطفال حديثي الولادة (2005)، وبقاء الأمهات (2006) والصحة الإنجابية (2006)، عن وجود حزمة من التدخلات، إذا ما نفذت على نطاق واسع، من شأنها أن تقلل إلى حد كبير من معدل وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة. وتحتاج بعض هذه التدخلات وبالذات التدخلات الخاصة بإنقاذ أرواح الأمهات، لأن تتم في مرفق رعاية توليدية أولية أو شاملة، وقد تتم الكثير من التدخلات، ولا سيما لحديثي الولادة، وأيضاً للأمهات، في المنزل من قبل العاملين الصحيين المحليين أو ممرضة زائرة.
Discussion about this post