عندما نتكلم عن النهضة في منطقتنا الأوسطية بمختلف أشكالها ، فإننا على يقين بأن دور الدولة مهم وأساسي ، ومسؤوليتها إضافة الى دور المجتمع المدني في إغناء ودعم قدرة الفرد -مهما كانت نوعية نظام الحكم- في إنماء ثقافته وعلمه ليتحول الى شعاع نور ونواة تغيير داخل مجتمعه ، فالمسؤولية الفردية والكلية ثقافة نفتقدها لأسباب مختلفة ، مما يعيق ويؤجل تشكيل الخيمة الوطنية الجامعة التي من شأنها تحقيق السلام والاستقرار والأمن المجتمعي ضمن الجسد الجغرافي الواحد .
عمليتا القبول والوعي، مقترنتان بالفضول والتحدي لتقبل التجارب السلبية، كمقدمة للمرونة النفسية وفقا لنظرية شابيرو .
قد يختلف البعض حول مفهوم الكلمة الواحدة من إنسان لآخر ، فمثلًا يخلط الناس بين الدولة والحكومة، فالدولة جغرافيا وشعب وحكومة ، والدولة دائمة، والحكومة مؤقتة، والدولة حياد سياسى، بينما الحكومة تمثل حزبًا سياسيًا، كذلك يخلط الناس بين الدولة والأمة، فالأمة شعوب تجمعها روابط مشتركة كاللغة، والدين، والمصالح.. كالأمة العربية ، كما يخلط الناس أيضًا بين الفيدرالية والكونفدرالية .
فالفدرالية لها رئيس وجيش وطني واحد ، وسياسة خارجية ومالية واحدة، أما الكونفيدرالية فهي اتحاد دولتين أو أكثر كالاتحاد الأوروبى أو مجلس التعاون الخليجى.
إن المتتبع للمشهد السياسي الأمريكي وطبيعة صناعة القرار فيه، يرى بوضوح أن مؤسسات ومراكز البحث والتفكير”think tanks” قد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من منظومة صناعة القرار الأمريكي، فمن بين العديد من المؤثرات يبرز الدور الكبير الذي تلعبه مراكز البحث والتفكير في صناعة الإستراتيجية الأمريكية للأمن القومي. وتعتبر الأبحاث والدراسات العلمية الرصينة من أهم الركائز التي تستند إليها القرارت الاستراتيجية في الادارات المتعاقبة مهما كان لونها جمهوري أو ديموقراطي سواء في الكونغرس أو مجلس الشيوخ أو سيد البيت الأبيض …
في “نظرية الاحتواء: ما وراء الحرب على الإرهاب”، يُظهر شابيرو فداحة الخطأ الكامن في قول بوش بدليل الإخفاقات المتكرّرة التي طبعت عهد بوش ولاسيما في العراق وأفغانستان.
شابيرو استاذ العلوم السياسية في جامعة يال ، يعود إلى نظرية الاحتواء، لضمان الديموقراطية في الولايات المتحدة الامريكية .
في نفس المنحى ، نظريةٌ أدرجها المفكِّر والسياسي الأميركي الشهير جورج كنان، وطبَّقتها حكومة الرئيس ترومان، فنجحت خلال الحرب الباردة في محاولة وقف انتشار المدّ الشيوعي في العالم.
- كتاب يضع بدائل للحرب على الإرهاب عملاً بنظرية الاحتواء.
- يعرض مناهج جديدة للاستخبارات والتحالفات والعلاقات الدولية.
- يروَّج لإحلال الديمقراطية في العالم.
- يلوِّح بإمكانية احتواء الدول المتمدّدة مثل كوريا الشمالية وإيران رغم تطويرهما للأسلحة النووية.
على المستوى العالمي في سياسات الطاقة هناك ثلاثة لاعبين رئيسيين ، الولايات المتحدة الامريكية وروسيا والمملكة العربية السعودية، ومن ذلك تحرص الادارات الامريكية على التحكم في تحديد أسعار النفط بوسائل متعددة تتيح مساحة أكبر من التنافس الصناعي التجاري مع الصين لكبح جماح نمو الاقتصاد الصيني تمايزاً عن معظم اقتصاديات الدول المتقدمة التي شهدت انخفاض كبير في معدلات النمو من جائحة كورونا COVID 19 أنتجت مشاكل داخلية- اقتصادية واجتماعية استدعت تدخلات حكومية لمواجهة التداعيات المرتبطة بها ، عبر برامج دعم ومنح واعفاءات وقروض متوسطة وطويلة الأجل دون فوائد لتحفيز الاقتصاد وإغاثة الشركات المتوقفة عن العمل، التي تأثرت بأزمة جائحة كورونا ، أما في البلدان التي تشهد صراعات مُضافة ، فالاوضاع الاقتصادية – الاجتماعية – المالية – الثقافية .. تستدعي سياسات أكثر مرونة وتغيير جوهري لإعادة تدوير عجلة الانتاج عبر قرارات استثنائية والانفتاح على الدول والمؤسسات التي لديها خبرات وتجارب وتمويل لتجاوز الأزمات ومنع الانهيارات ، مع الاشارة الى ان البنك الدولي خلال اجتماعه الاخير مع محافظي البنوك المركزية والخبراء المختصين في العديد من دول العالم قد أطلق حزمة من الاعفاءات للدول المدينة مع منح قروض استثمارية وتنموية إضافية لتجاوز تأثيرات COVID 19 صحياً ( الموجة الاولى والثانية الحالية ) والتعافي المبكر لاقتصاديات الدول النامية …
باختصار الزمن الجديد يتطلب مبادرات وسياسات وعلاجات جديدة .
لا أحد يستطيع تجاهل أهمية تركيا في منطقة الشرق الأوسط والعالم ، سواء اتفقنا مع سياساتها أم اختلفنا ويأتي ذلك من خلال موقعها الهام بين قارتين واشرافها على مضائق البوسفور والدردنيل مما يكسبها عمق جغرافي استراتيجي إضافي ، وكذلك مرور خطوط الطاقة والغاز عبر أراضيها الى اوربا، جعل منها لاعب مهم بالعلاقات الدولية والإقليمية ، تمتلك قدرات كبيرة من النواحي السياسية والاقتصادية و العسكرية ، إضافة الى إرث ديني وثقافي يلقي بتأثيراته المباشرة على شعوب المنطقة .
إن فائض القوة التي تشعر بها تركيا انعكس على تصريح المستشارة الألمانية ميركل خلال قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل منتصف الشهر ، “إن تصرفات تركيا في شرق المتوسط استفزازية ومؤسفة ولا لزوم لها، يترتب عليها زيادة التوترات بدلا من تخفيفها ” في الوقت الذي تواصل فيه أنقرة التنقيب عن الغاز الطبيعي في مياه متنازع عليها مع اليونان ، والتدخل العسكري في سورية وليبيا وأذربيجان وأرمينيا .
من زاوية اخرى اتفق طرفي الصراع في ليبيا (23 اكتوبر )على وقف دائم لإطلاق النار بإشراف أممي بما يتيح إحلال السلام والأمن والاستقرار في جميع انحاء البلاد .
كما انتهت الأربعاء 14 اكتوبر الجولة الأولى من محادثات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البرية والبحرية المتنازع عليها. ودارت هذه المحادثات في مقر قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان برعاية واشنطن ، وضم الوفد اللبناني أربعة أعضاء عسكريين ومدنيين ، وضم الوفد الإسرائيلي ستة أعضاء بينهم المدير العام لوزارة الطاقة ، ومستشار نتنياهو السياسي ورئيس دائرة الشؤون الإستراتيجية في الجيش. وسيعقد الجانبان جولة ثانية من المناقشات ، في 26 اكتوبر الحالي.
نؤكد أن الخلاص وعودة السلام والأمن والاستقرار المحلي ، مساره عبر قرار مجلس الامن الدولي رقم 2254 ،
وفي نص البيان المشترك الصادر عن وزراء خارجية المجموعة المصغرة بشأن سورية في 22 اكتوبر ،
” ندعم الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا جير بيدرسن للدفع بالعملية السياسية. يمثل الحل السياسي على النحو المحدد في قرار مجلس الأمن رقم 2254 السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار والأمن بشكل مستدام للشعب السوري، كما يسهل انسحاب كافة القوات الأجنبية التي دخلت إلى سوريا بعد العام 2011. هذا الحل من شأنه أن يصون وحدة الأراضي السورية وسيادة البلاد “.
إن ذلك يساهم أيضاً في إرساء السلام العادل والطبيعي والحقيقي في المنطقة بما ينعكس على السلام والأمن العالمي ، وترجمة هذه المعادلة بسيطة عبر تطبيق القرارات الدولية ومجلس الامن رقم 242 و 338 وعودة الحقوق والاراضي المغتصبة الى اصحابها وفق مفهوم الأرض مقابل السلام ؛ هل يتم عقد مؤتمر دولي للسلام في المنطقة بعد أن تم إنهاك القوى السياسية والمجتمعية والاقتصادية والثقافية وتعميم الفوضى ؟ هل سيكون الحل الجزئي أم الحل الشامل .. .
علينا دفع الأمور في إعادة انتاج المعيار أي الدستور باتجاه الخلاص، لأنه الأساس في العلاقة بين المحكوم والحاكم ، وبين السلطات الأربعة فيما بينها ، وأن المصلحة العليا للبلاد تتمثل بضرورة وقف الانهيار وإعادة بناء الوطن وفق رؤية جديدة تصوغها قوانين ناظمة تضمن الدفع بتفعيل دور الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وبناء الثقة لانتقال حقيقي نحو دولة قانون ومؤسسات ديموقراطية تحقق وتعزّز قيّم العدالة والنظام القضائي المستقل وحقوق المواطنة والمساواة والتنمية العادلة المستدامة واللامركزية الادارية والحريات والحقوق العامة والشخصية وفق الشرعة الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان .
أخيرًا إذا سألنى سائل … من أين نبدأ في إنهاض النهوض ؟
إجابتي له ما قاله عالم علوم السياسية والاجتماع السويدى جونار ميردال في كتابه “الدراما الآسيوية”
العامل المشترك الأعظم بين الدول الرخوة Soft States هو غياب سيادة القانون .
والى لقاء آخر …
مهندس باسل كويفي …
Discussion about this post