ما بعد الازمة !!
الحقيقة أن أغلب السوريين بدؤوا يستنشقون اوكسجين النصر عندما سكتت البنادق وانتهى الصراع العسكري ، ولكن الجميع ينتظر نتائج النصر عبر محاور ثلاثة :
١_ الرخاء السياسي والقانوني .
2_ الرخاء المعيشي والمادي .
3_ الرخاء الفكري والاجتماعي .
نلاحظ حسب هذه المقاييس أن الأزمة لم تنته . فالمؤشر يشير للأسوأ ، فلم يحدث تغيير سياسي ولا قانوني ، بل تم انتاج امبراطوريات مالية سياسية قادرة على استملاك القوى المعيشية وتحويلها من يد غالبية الشعب الى حفنة قليلة . وبذلك يتحول الشعب من متوسط الدخل الى حالة الفقر والعجز .
هذا يقود بالضرورة لحالة فكرية مضطربة تسوق الناس لصراع فكري واجتماعي .
لنبحث في البنود الثلاثة بشيء من التفصيل :
1_ الوضع السياسي القانوني .
ينتظر الجميع لجنة الدستور ، وتغيير بعض فقرات الدستور لبدء الاصلاح والتغيير ، وهنا نقول اذا كانت بعض الفقرات تحتاج لتعديل ، فلماذا نعطل الفقرات الباقية ، فلا يوجد دستور في العالم لايحاسب الفاسدين ، او يكافئ الاداريين الفاشلين .
واذا لاحظ الشعب ذلك فسوف يميل كثير من ضعاف النفس لسلوك طريق الفساد ، ويتوارى او يهرب المصلحون .
2_ صبر الشعب لثماني سنوات على الهبوط الحاد بمستواه المعيشي ، فالحرب اصابت اغلب ممتلكاته ومدخراته السابقة من تاريخ اجداده وثرواتهم على مدى عصور الانتعاش ، حيث انه كان يشكي قبل الازمة من ضعف الراتب وقد كان حوالي 300 دولار مقارنة مع الجوار ضعفين او ثلاثة ، أما الآن فصار اقل من 100 دولار وهو غير قابل للتحمل ، بغياب جميع مدخراته وأرث ابائه واجداده التي استنفذها الحرب ، مع تضخم في مصاريفه من ايجار بعد هدم بيته أو هجره .
ظن الجميع ان ذلك سينتهي فورا بعد اسكات لغة السلاح ، ولكن وجد المواطن نفسه ضائعا مسحوقا ، وكأن الجميع منتصر وهو الخاسر الأوحد .
3_ أما فكريا واجتماعيا ، فالضياع بدى واضحا ، فالبعض يظن ان الصراع كان بسبب الأديان لذلك يجب ازاحتها والدخول بحالة لادينية مثل العلمانية ، والبعض يظن أن الأديان كانت حصنا منيعا لعدم الانهيار الأخلاقي والقيمي والحقوقي ، حين تعطلت القوانين والمؤسسات وهذا سببا للمحافظة عليها والتمسك بها ، هذه التناقضات تسبب صراعا خفيا ينهك المجتمع من فقراته الاساسية ، ويمنع الترابط الاجتماعي والاسروي .
أخيرا يكون الحل الأقرب للعقلانية باصلاح الفقرات الثلاثة السابقة :
1_ الاصلاح الاداري السريع ، فلا حاجة لانتظار تغيير الدستور . هذا ينتج عنه بالضرورة اصلاح سياسي عقلاني مع محاسبة المقصرين والفاسدين وأقلها بازاحتهم وعدم ترقيتهم ، مما يعطي أملا للجميع ببدء المسار الصحيح .
2_ يؤدي الاصلاح الاداري بالضرورة لتحسين مستوى المعيشة ، ويفتح الباب لمشاريع خلاقة يدخل في مكونها الاساسي أغلب شرائح الشعب والتي سوف تنتج حالة خلاقة بدل حالة السكون والشكوى .
3_ تولد هذه الحلول راحة فكرية ، حينها ستكون الاديان والمعتقدات داعمة للقيم والمبادئ ، لأن جميع الاديان تنادي بالفضائل ، وتفضيل المصلحة العامة .
في نهاية تلك الاصلاحات يصبح المجتمع متعاف فكريا ، بل قادرا على انتاج حالة اجتماعية مادية اخلاقية تكون رائدة بين الأمم ، وتستعيد قيادتها الحضارية التي طالما ابرزتها خلال ألاف السنين الحضارية .
وفي النهاية لانرضى بسوريا الا أن تكون في مقدمة الحضارات العالمية .
د.مهندس ياسر اكريم
Discussion about this post