بقايا
..هل خلقت من أجل هذا العذاب فقط ؟
قررت أن أدخل في سبات عميق …
أخمدت براكين غضبي المتوقدة ؛
ألغيت التفكير في أسرتي وأطفالي ،؛ دلفت إلى غرفة مهجورة مليئة بالحشرات .. بجانبي طعامي:
فول وخبز جاف
_ فقد أجوع أثناء نومي_!
استيقظت بعد سنوات طوال.لأجد الطعام لم يتسن..
ولأجد ما هربت منه قد استفحل وأصبح وحشا يلتهم الضعفاء امثالي..
شوارع المدينة خالية ، الوحش يبحث عنى .. مضى يتشمم الطريق إليَّ …
دخل صومعتي ..
وجدني مجرد بقايا.
جمال
جمال فتحى بربرى
________________
//القراءة //
لماذا البنى المعرفية ؟
هل ظهر في النص اشكالية تحاصر الراوي بضمير المتكلم اي غريق اشكاليته واحساسه بالعذاب جراء فقره ومسؤوليته عن اسرته ..لانه سبب قدومهم الى الحياة على الارض الدنيا ..
وهو هنا “القاص الضمني”
فهو فقير ضعيف في مسرح الحياة المتوحش..
سؤال وجودي طرحه في الفضاء :
هل خلقت للعذاب فقط؟
من يجيبه؟
لم يتلق جوابا !
السؤال وعي عقلاني
لذا قرر ان يسلك مسلك
اهل الكهف ومسلك من اماته ربه وحماره مائة عام ..ثم بعثه ..
ولكن الكهف كان غرفة مليئة بالحشرات ..مما يشير انه يتهم نفسه بانه مثلها ليسكن معها ..
وطعامه يحيل على درجة فقره ..فهو فول وخبز جاف ..
هذه البنى منها اعتقادي تضفي على حركة الفكرة بعدا روحيا واحتجاجيا وتضفي كذلك بعدا اجتماعيا :الفقر ..
هذه البنى تنطق بعمق وجداننا في مجتمع ثقافته تحتم عليه ان ياتي المال على حبه .. ..
الفقراء..
بتكافل اجتماعي هو جزء من العبادة …
فبنية اهل الكهف تفتح على ان الله انقذ الفتية من القتل لانهم كان قد هربوا بايمانهم من الظلم ..وكذلك الرجل الذي اماته فقد حفظ له طعامه طوال موته مائة عام ..
ولكن طعامه..
وهو جاء الى غرفته ليسبت اي ينام فهل ينقذه من فقره وعذابه الذي يلاحقه ..فالوحش/العذاب/
يعادل من كان يريد قتل فتية الكهف . وهو المؤمن ..اذ غرفته اطلق عليها صومعة بوج الوحش الذي لم ينسه بعد ان استيقظ من سباته ولم يجد ورقا فضة يشتري به طعاما ..
اذن البنى المعرفية اسهمت في كشف حاله ورسمها لهذا البعد الروحي والاجتماعي ..
فهي من تراثنا ونفهمها
راينا كيف حاول فك الحصار عن حاله ..باللجوء الى سلوك مسلك المؤمن بالله المطارد من وحش الفقر .ليتبع اعتقاده
فهل انقذه ذلك ؟
لا لم ينقذه لان الوحش وجد بقايا منه ..
اي ان فتية الكهف كانت السمس تزاوهم لتحفظ جثتهم .تحسبهم امواتا ولكنهم ايقاظ ..
فجسده قد تحلل ..
فقراره هو من ذاته ..لا من ارادة ومشيئة ربه..
اذن
نرى الراوي قد اقترح للفكرة حركة حياة كمثل اهل الكهف ..
ما الذي سمح له بهذا الاقتراح ؟
هو اعتقاده
فدمج عدة قصص في حركة واحدة ..
ولكن …
هل بقي السؤال بلا جواب ؟
لا ..بقايا اي اشلاء
لم يُعتنَ به ..
فالوضع اصبح اكثر وحشية واشد عذابا ..
انها شكوى او لنقل صرخة ..
كائن لجأ الى صومعة العبادة ..فلم ينقذ
هنا نبدأ بطرح الاسئلة :
ما الوحش ؟
لماذا نتعذب بالفقر ؟
لماذا امرنا الرب بتقديم المال على حبه ..لفئات من مجتمعنا يعيشون معنا ..فقراء ومساكين وابناء سبيل من ذوي قربانا ..باحسان جميل ..لماذا المجتمع الذي يدين بهذه الثقافة
لا يتحرك والدولة الحاكمة تدعي ان تشريعها من هذا النبع الالهي؟
لماذا هذا الانفصام بيننا وبين معتقدنا ..الا ظاهرات صوتية ؟
من هنا اتى السؤال
هل خلقت …اي ينسب هدف خلقه ليعيش هذا العذاب؟
لماذا؟
هذا التقسيم الرهيب بين غني وفقير في كل مكان..؟ ولكن عندما يرى الفقير الشوارع خالية الا من وحش ضار يتبعه هو فقط دون الناس .. يكون بد بلغ اوج عذابه
سليمان جمعة