المهندس باسل كويفي :
– الاقتصاد اليوم:
تعاني اقتصاديات العالم من انهيارات بشكل متواتر من خلفيات متعددة قد يكون اهمها الحرب المباشرة في اوكرانيا، والحرب الغير مباشرة بين الصين (دول البريكس) وامريكا والغرب عموماً بأجنحتها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
وتعيش دول العالم الثالث (الغير منتجة للنفط) تحت وطأة أزمات اضافية معيشية تنعكس مباشرة على مواطنيها من خلال تدهور الأمن الغذائي والصحي والبيئي والمائي والتعليمي الناجم عن ارتفاع اسعار المواد الغذائية عالمياً والنفط وحوامل الطاقة والسماد والنقل والتأمين وانخفاض الموارد مما يؤدي الى التضخم وارتفاع الاسعار وصعوبة الحصول على المواد الغذائية الاساسية والادوية والمواد الاولية الداخلة في الصناعة.
لقد لحظنا جميعاً منذ بداية هذا العام ظهور بعض الانفراجات السياسية والديبلوماسية في منطقتنا الأوسطية، قد يفضي الى مرحلة جديدة من الامن والسلام والاستقرار للعديد من دول المنطقة، ويمكن اختصاره بعنوان يخص سورية ” السلام والاستقرار والرخاء وإعادة البناء “.
ان تراجع الخدمات الحكومية في سورية، يُعزى لأسباب خلفتها الحرب والازمات الاقتصادية العالمية والفساد الذي حال دون القدرة على سد الثغرات والفجوات مما ادى الى تعثر الاقتصاد الانتاجي، مع عجز عن التعاطي مع الازمات لمحدودية الموارد واشكالية المؤسسات البنيوية التي تأثرت بالحرب ولحق الدمار بالعديد منها مع عوامل اخرى مثل جائحة كورونا والمصارف اللبنانية وقانون قيصر والجفاف الذي تعرضت له سورية خلال السنوات الماضية وشح مياه نهر الفرات عبر مخزونات اضافية ضمن بحيرات السدود التركية …
مما ادى الى انزلاق السوريين الى تغيرات كبيرة في معدلات الفقر واضطرارهم الى التكيف مع تقنين احتياجاتهم الاساسية والاعتماد أكثر على تحويلات المغتربين والمساعدات الانسانية الشحيحة.
لا تبدو مساعي الحكومة لتجاوز الأزمة الاقتصادية والمعيشية يسيرة ، لان قدرتها على الاستمرارية بتقديم الاحتياجات الاساسية مرهون بالتمويل مع مراعاة الظروف الاقتصادية – الاجتماعية ، ولعل الديناميكيات الاقليمية والخارجية والتحركات العربية تجاه دمشق تشكل فرصة لكسر الحصار والعزلة في تسويات تتقارب فيها المصالح المشتركة مع الموقع الجيوسياسي السوري المميز ليشمل ترتيبات اقتصادية وانجاز تكامل اقليمي اقتصادي يتقاطع مع مشروع طريق الحرير ( الصيني) في ظل ارتفاع التوقعات في ان تُثمر هذه المسارات عن اختراقات نوعية للنظام المالي العالمي السائد
معظمنا يعلم المشكلة، ولكن الإشكالية تكمن في تحديد الحلول المناسبة، خاصة وأن الخيارات المتاحة اصبحت محدودة. والأزمة المعيشية التي نمر بها الآن هي الأعنف، وإن من بعض أسبابها محلية، لن يخرجنا منها إلا الحلول التمويلية على المدى القريب، أما الحلول التشغيلية للصناعة والزراعة والسياحة فهي الملجأ لاحقاً لتعزيز اقتصادنا وتحويله الى اقتصاد انتاجي وتشغيلي في المقام الأول عبر حلول طويلة المدى ضرورية وأساسية، ولا غنى عنها.
باعتقادي ، آن الاوان للتفكير الجاد في استثمار العوائد المستقبلية عبر إعادة تشغيل وتأهيل المنشآت الخاصة والعامة التي تضررت خلال فترة الحرب بقانون شامل للإعفاءات ووفق الاحتياجات والضرورات ، بما فيها تشجيع استثمار مصانع القطاع العام للمستثمرين المحليين والخارجيين دون عقبات بيروقراطية ووفق قانون خاص يضمن أموال المستثمرين ، ويعود على الخزينة العامة بمردود وقيمة مضافة ويحد من الاستيراد والتهريب والتهرب بأشكاله المختلفة بما يدعم الاقتصاد الكلي ، مع تحفيز المبادرات الابداعية في مختلف المجالات الاقتصادية .
خياراتنا في الولادة من جديد أضحت محدودة وتستند الى توفير حلول تمويلية لتجاوز هذا الاعصار بسلام، وأعتقد أن تطبيقه ليس صعبا على الإطلاق طالما توافرت الإرادة والادارة.
المهندس باسل كويفي
Discussion about this post