أعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس أنه سيتم الكشف عن الخطة الوطنية لمكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة في 9 ديسمبر/كانون الأول، وهي بمثابة خارطة الطريق للقضاء على هذه الظاهرة.
وفي حوار مع RT أفاد شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بأن الخطة الوطنية لمجابهة الفساد وهي ظاهرة استشرت في تونس بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، هي خطة تجمع كل المتدخلين في هذا الشأن سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات أو جمعيات.
وتابع بقوله إن الخطة تهدف إلى جمع الأطراف الفاعلة في هذا الشأن حول طاولة واحدة بغرض توصيف الحالة والاتفاق على طرق معالجة هذه الآفة، انطلاقا من قناعة بضرورة محاربة الفساد لأنه في تقديره مسؤولية وطنية تقع على عاتق كافة التونسيين.
ووفقا لرئيس الهيئة فإن الخطة الوطنية تتطلب 3 أطراف دستورية هي الحكومة بصفتها السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية، بالإضافة إلى السلطة الرابعة المتمثلة في الإعلام، فضلا عن السلطة الخامسة وهي مؤسسات المجتمع المدني.
هذا وستمضي الحكومة ومجلس نواب الشعب والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وإحدى الجمعيات الممثلة للمجتمع المدني والهيئة الوطنية والمجلس الأعلى للقضاء، على هذه الخطة الوطنية يوم 9 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وأحالت الهيئة نحو 120 ملف فساد على القضاء من جملة الملفات التي تضمنت شبهات فساد والبالغ عددها بين 400 و500 ملف فيما لا تزال بقية الملفات في مرحلة التقصي من جانب هيئة مكافحة الفساد.
ومنذ عام 2011، أحيل إلى القضاء التونسي ما يقارب من 400 ملف فساد ولم يقع الفصل إلا في أقل من 10 %من جملة هذه الملفات.
ويرى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن الإرادة السياسية فيما يخص القضاء على الفساد لا تزال بطيئة ولم ترق إلى مستوى تطلعات الشعب التونسي مبديا رغبته في أن تكون إرادة حازمة وقاطعة ولا يمكن أن تكون إلا عبر قرارات جريئة وشجاعة.
هيئة مكافحة الفساد.. الظروف والنشأة
تأسست الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 وهي هيئة دستورية مستقلة وتعمل على كشف مواطن الفساد في القطاعين العام والخاص، يضاف إليها تلقي الشكاوى والبلاغات حول حالات الفساد والتحقيق فيها وإحالتها على الجهات المعنية بما في ذلك القضاء.
ورغم مضي 6 سنوات على رحيل الفاسدين الأصليين حيث كان فساد نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وعائلته من أهم الأسباب التي عجلت بإطاحته من الحكم في 14 يناير/كانون الثاني 2011، إلا أن حجم الفساد ظل على حاله بل تفاقم أكثر.
وبحسب تقديرات غير رسمية فإن حجم الفساد بعد الثورة قد زاد بشكل واضح، حيث تراجع ترتيب تونس في تصنيف مكافحة الفساد 3 درجات، فحلت في المركز 76 من بين 168 دولة، بحسب ما نشرته منظمة الشفافية الدولية في الثاني من شهر يناير/كانون الثاني 2016.
الفساد ينخر الإدارة العمومية والسلك الأمني
ووفقا لآخر دراسة أجرتها مؤسسة "سيغما كونساي" –وهي مؤسسة لاستطلاع الآراء فإن 78% من التونسيين يرون أن ظاهرة الفساد تفاقمت بعد الثورة، وأن 83% من أشكال الرشاوى المعروفة لدى التونسيين هي مالية بالأساس، و58% منها تتعلق بالمحاباة مقابل 53% من أشكال الفساد تتم بين الأقارب والعائلات.
وخلصت الدراسة إلى أن الإدارات العمومية هي القطاعات الأكثر عرضة لمظاهر الفساد بـ 49%، يليها السلك الأمني بنسبة 49 %، ثم قطاع الصحة بـ 35 % واحتلت الجماعات المحلية بنسبة 29 %، فيما سجل قطاع التعليم 23% من مظاهر الفساد مقابل 19% في الجمارك و9% في مجال التشغيل.
الفساد بتونس أصعب من مكافحة الإرهاب
وأصبحت قضية الفساد إحدى أبرز أولويات الحكومة التونسية التي يرأسها يوسف الشاهد حيث أعلن خلال المؤتمر الوزاري الخامس للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد الذي انعقد في شهر سبتمبر/أيلول الماضي أن مكافحة الفساد المستشري في البلاد التونسية بات أكثر صعوبة من مكافحة الإرهاب.
ويشار في هذا الصدد، الى أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد أعلن الحرب على الفساد فور تكليفه بتشكيل الحكومة خلفا لرئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد في ظل تواتر نواقيس الخطر من التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة على التجربة الديمقراطية من جهة والاقتصاد من جهة أخرى، وتحول البلاد إلى "دولة مافيات" إن لم يتم التصدي لهذه الآفة.
وكان شوقي الطبيب دعا حكومة الوحدة الوطنية بعد يوم واحد من تسلمها مهامها في 29 أغسطس/آب الماضي إلى "قلع أضراس بارونات الفساد" الذين استطاعوا اختراق قطاعات حساسة في الدولة للاحتماء بها والإفلات من المحاسبة القضائية.
ورغم أن الفساد يضرب أطنابه في جل القطاعات بتونس بيد أن هناك مبادرات للانتصار على الفساد الذي يهدد التجربة الديمقراطية الناشئة في البلاد، بفضل إرادة وطنية جامعة للتونسيين نخبا وشعبا.
سناء محيمدي
Discussion about this post