ﻓﻘﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻝ (ﻋﺰﻳﺰﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ) ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﺮه نزار قباني ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1977
ﻋﺰﻳﺰﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ:
ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻧﻴﺘﻲ ﺃﻥ ﺃﻧﺎﻗﺸﻚ ﺃﻭ ﺃﺣﺎﺳﺒﻚ.. ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﻛﺘﻔﻲ ﺑﺴﺆﺍﻟﻚ:
ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ؟
ﻫﻞ ﺳﺎﻋﺪﻙ ﻫﺪﻡ ﺑﻴﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻤﻴﺮ ﺑﻴﺘﻚ؟
ﻭﻫﻞ ﺃﺩﻯ ﻣﻮﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺇﻃﺎﻟﺔ ﺣﻴﺎﺗﻚ؟
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺗﻲ ﻗﺪ ﺣﻘﻖ ﻟﻚ ﺭﺑﺤﺎ، ﻓﺄﻧﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﻮﺕ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ.. ﻭﺛﺎﻟﺜﺔ.. ﻭﺭﺍﺑﻌﺔ.. ﻭﻋﺎﺷﺮﺓ.. ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻴﺮ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺃﻃﻮﻝ ﻭﺃﺟﻤﻞ.. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺟﻮﻉ ﺃﻃﻔﺎﻟﻲ ﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺷﺒﻊ ﺃﻃﻔﺎﻟﻚ، ﻓﺈﻧﻨﻲ ﺃﻋﺘﺒﺮ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﺎﺩﻻ.. ﻭﻟﻜﻦ ﺟﺮﺩﺓ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻟﺤﺴﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺗﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺧﺴﺎﺭﺗﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺎﺩﻝ ﺧﺴﺎﺭﺗﻲ.. ﻭﻣﻮﺗﻚ ﺑﺤﺠﻢ ﻣﻮﺗﻲ..
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﺏ.. ﻳﺎﻋﺰﻳﺰﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ، ﺗﺴﺎﻭﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ.. ﻭﺗﺴﺎﻭﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻗﺒﻮﺭﻧﺎ.. ﻭﻋﺪﺩ ﻣﻮﺗﻨﺎ.. ﻓﻬﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻧﺤﻠﻢ ﺑﻬﺎ.. ﺃﻥ ﺃﺳﻠﻤﻚ ﺟﺜﺔ ﻭﺗﺴﻠﻤﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺟﺜﺔ؟ ﻭﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﻋﺪﺩ ﺃﻭﻻﺩﻱ.. ﻭﻋﺪﺩ ﺃﻭﻻﺩﻙ.. ﻭﻳﻜﺒﺮ ﺍﻟﻮﻃﻦ.. ﻗﺮﺭﻧﺎ ﺃﻧﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻄﻊ ﺫﺭﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ.. ﻭﻧﺬﺑﺢ ﻛﻞ ﺃﻃﻔﺎﻟﻪ ﻭﻧﺮﻣﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ..
ﻋﺰﻳﺰﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ:
ﺃﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﻻ ﺗﺘﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻚ ﻻ ﻳﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﻲ.. ﺇﻧﻨﻲ ﺩﺍﺋﻢ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﻚ.. ﻣﺎﺫﺍ ﺳﺘﻌﻤﻞ؟ ﺃﻳﻦ ﺳﺘﻌﻤﻞ، ﻛﻴﻒ ﺳﺘﻌﻤﻞ؟ ﺍﻳﺔ ﻣﻬﻨﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﻃﻤﻮﺣﻚ؟ ﻛﻴﻒ ﺳﺘﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻚ ﻭﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻚ ﻭﺃﺳﺎﺗﺬﺗﻚ ﻭﺭﺅﺳﺎﺋﻚ؟ ﻟﻘﺪ ﺃﻋﻄﺘﻚ ﺍﻟﺤﺮﺏ العبثية ﺳﻠﻄﺔ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺳﻨﻚ ﻭﻣﻮﺍﻫﺒﻚ ﻭﺛﻘﺎﻓﺘﻚ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻚ.. ﺃﻋﻄﺘﻚ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ.. ﻭﺑﻬﺬﻩ (ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ) ﺍﺳﺘﻄﻌﺖ ﺃﻥ ﺗﻘﻠﺐ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻻﺕ، ﻭﺗﻠﻐﻲ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻭﺍﻟﻼﻣﻤﻜﻦ.. ﻭﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻼﺷﺮﻋﻲ.. ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﻛﻦ ﻓﻴﻜﻮﻥ.. ﻭﻣﺎ ﻳﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﻲ ﻫﻮ ﻫﻞ ﺑﻮﺳﻌﻚ ﺃﻥ ﺗﻨﺴﻰ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ (ﺳﻠﻄﺘﻚ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ) ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻄﺘﻚ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ.. ﻭﺗﻌﻮﺩ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺳﻮﻳﺎ ﻣﺜﻠﻨﺎ؟ ﻫﻞ ﺑﻮﺳﻌﻚ ﺃﻥ ﺗﺼﻐﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﺿﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻃﺎﻟﺒﺎ.. ﻭﺗﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺒﺸﺎﺷﺔ ﻭﺭﺣﺎﺑﺔ ﺻﺪﺭ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻣﻮﻇﻔﺎ؟ ﻭﺗﺤﺘﺮﻡ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﺗﻘﻮﺩ ﺳﻴﺎﺭﺓ؟ ﻭﺗﻘﻒ ﺑﺎﻟﻄﺎﺑﻮﺭ ﻛﺎﻷﺧﺮﻳﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺬﻛﺮﺓ؟؟ ﺛﻢ ﻫﻞ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﻮﺳﻌﻚ ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﺃﻥ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﺑﻬﺪﻭﺀ ﻣﺜﻠﻨﺎ.. ﻭﺗﺒﺘﺴﻢ ﻣﺜﻠﻨﺎ.. ﻭﺗﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻣﺜﻠﻨﺎ.. ﻭﺗﻌﺸﻖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﺜﻠﻨﺎ، ﻭﻧﺘﻌﺸﻰ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺸﻤﻮﻉ ﻣﺜﻠﻨﺎ.. ﻭﺗﻮﺻﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ.. ﻭﻫﻲ ﻗﻄﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ… ﻫﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ﺃﻥ ﺗﻨﺴﻰ (ﺫﺍﻛﺮﺗﻚ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ) ﻭﺗﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﺴﻄﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ؟ ﻫﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﺩﻋﻮﻙ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻲ… ﻭﺃﺳﻤﻌﻚ ﺷﻌﺮًﺍ؟
ﻋﺰﻳﺰﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ:
ﺇﻥ ﻛﺮﺳﻴﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺧﺎﻟﻴﺎ.. ﻓﺎﺗﺮﻙ ﺑﺎﺭﻭﺩﺗﻚ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ.. ﻭﺍﺟﻠﺲ ﻣﻌﻨﺎ… ﻓﻠﺪﻳﻨﺎ ﺧﺒﺰ ﻛﺜﻴﺮ… ﻭﺣﺐ ﻛﺜﻴﺮ… ﻭﻗﺼﺎﺋﺪ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺳﺄﻧﺸﺪﻫﺎ ﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻠﺘﻘﻲ..
. …
نزار قباني
Discussion about this post