القتلة قرروا ان يقمعوا صوت حتر قبل أن يصل إلى العالم، بعد أسابيع قليلة من نشر الكاريكاتير الذي اعتبروه مسيئا، وقامت السلطات باعتقاله بناء على بلاغ المدعي العام الأردني.
الثلاثاء الماضي ، بعث لي ناهض حتر رسالة عبّر فيها عن الرغبة في استضافته بعد إطلاق سراحه من المعتقل. فأبلغته بأنني سأعود من نيويورك نهاية الأسبوع وسنرتب اللقاء.
يحمل صباح الأحد الخبر الفاجع!
السلطات، سربت أنها إذ تحتجز الكاتب ناهض حتر، فإنما لتحافظ على حياته. وحينها، لم يصدق أحد، وتواصلت ردود الفعل الشاجبة، وحملات التضامن إلى أن أطلق سراح ناهض المعروف بكتاباته المثيرة للجدل وبمواقفه السياسية المعارضة، وتلك المعادية أحيانا لتيارات متعايشة في الوطن الأردني، ألقت السلاح، واختارت المعارك الفكرية، التي دخلت أحيانا في مشادات كلامية، وصل بعضها إلى الاشتباك بالأيدي، ولم تبلغ الضرب بالرصاص.
ومهما كان موقف أسرة الكاتب المغدور من إجراءات السلطة التي كان ناهض أبلغها بالتهديدات التي وصلته من مجهولين، فإن مصرع كاتب معروف بمواقفه الواضحة والشجاعة، في بلد يعد أحد أكثر بلدان المنطقة تعرضا لخطر الإرهاب، جرس إنذار بأن القوى المتطرفة لن تكف عن ملاحقة الأحرار والمناوئين للقمع وخنق الحريات.
ثلاث طلقات في جسد ناهض حتر، تعني ملايين الرصاصات الموجهة لرؤوس سكان المنطقة العربية وبلدانها المبتلاة بالتنظيمات الإرهابية والمليشيات وأحزاب المصادرة الفكرية وكاتم الصوت.
المجرم كان جليا. وفي وضح النهار، اغتال الكاتب الذي لم يتوار وراء خوفه من الجهلة والظلاميين.
كان باسق القامة خارجا من قصر العدل، فأرداه القاتل برصاصات اختارت الهدف بدقة، لأنها انطلقت من مسدس أو بندقية محترف. سبق وقتل الأبرياء في العراق أو سوريا أو من بلد مجاور آخر للأردن.
ربما لم يأخذ الكاتب الحي ناهض حتر بنظر الاعتبار ظروف بلده الواقع في محيط ملتهب، ولم يأبه لمحدودية عقل وأفق المتلقين العصبويين، وشارك نشر رسوم اعتبرت مسيئة، فدفع ثمنا، يمكن أن يدفعه زملاء المهنة الآخرون في كل وقت، وفي كل مكان من أرضنا المسودة بعمى الجهل والتطرف ورفض الآخر.
وكنت صباح اليوم، ربما، في تلك اللحظات التي استل فيها القاتل سلاحه لإنهاء حياة حتر اكتب في مفكرتي؛ الاتصال مطلع الأسبوع مع ناهض حتر وترتيب مقابلة معه عبر الأقمار الصناعية.
بعد أقل من ساعتين قرأت العاجل الفاجع.
اغتيال ناهض حتر!
ليس الكاتب المناهض للاحتلالات، ذو النزعة الوطنية الأردنية فائقة التشدد، عدوا للمسلمين والإسلام. وما كان ترشح إلى الانتخابات النيابية في دورة سابقة عن تجمع " أبناء الحراثين " الذي وضع صورة ابن الأردن البار وصفي التل أيقونة، إلا محاولة لتأكيد الذات الوطنية.
Discussion about this post