نناقش في هذا المقال القلق الجدي لدينا ولدى بعض المفكرين والباحثين والمثقفين في سورية بشكل خاص ودول المنطقة بشكل عام التي تشهد صراعات وتوترات مختلفة ، تعود بعضها الى حاجة مجتمعات متقدمة الى طاقات شبابية للحد من تحولات مجتمعاتهم الى هرِمة ، ( مثالا ألمانيا ومعظم الدول الغربية ) ودور هذه الدول في تأجيج هذه الصراعات والتوترات ( بخلفيات دينية ومذهبية واجتماعية وانسانية وسياسية وقومية وتمييزية …) وتسهيل خروج ودخول هذه الطاقات الشابة الى دولهم تحت ذرائع مختلفة وتوطينهم …
في المقابل نشاهد دورا سلبيا او لامبالاة من قبل الدول ( ذات القدرات الشبابية) لهذه الظاهرة الخطيرة والتي قد يكون لها اثارا مستقبلية سيئة على المجتمع وثقافته وتقاليده ..والنمو الاقتصادي وبرامج التنمية البشرية والمستدامة .
ان سورية منذ الاستقلال وحتى عام ٢٠١١ كانت تتميز بمجتمع شاب نشيط ويمتلك درجة ثقافية مرتفعة نسبيا اسوة بدول المنطقة ، وقد تكون هذه احدى العوامل التي أدت الى نمو و تقدم حقيقي على المستوى الاقتصادي – الصناعي – المهني بالرغم من عدم وجود توجهات استراتيجية واضحة ووجود برنامج تنموي واقعي حقيقي آنذاك يلحظ تلك القدرات المضافة الى قوة المجتمعات الاساسية على المستويات المختلفة ويضيف لها الحوافز التي من شانها دعم وترتيب وتنسيق هذه القدرات للاستفادة منها على الوجه الأفضل .
في هذا الإطار فإننا ننظر الى بناء القدرات ودعم الشباب وتحفيزهم من وجهة نظرنا والتي نعتقد ان مجتمعاتنا بحاجة لها وفق الآتي :
1) اعادة هيكلة المنظومة التعليمية والتربوية ومجانيتها وتعديلها بحيث تلحظ التطور المجتمعي والتنموي والاقتصادي والثقافي والبشري سواء للمجتمع المحلي او المجتمع الإقليمي والدولي ، مع ما يرافق ذلك من انشاء وتطوير عمل المدارس والمعاهد الفنية والتجارية والصناعية والزراعية وفق الحاجات المطلوبة والحد من التفاوت والتمييز الوظيفي بين الاختصاصات في التعيينات الوظيفية او الاجتماعية والاعتماد بذلك على القدرات الفعلية ( التكنوقراط ) وليس على المفاهيم السائدة الاخرى .
2) تعميم ونشر ثقافة قبول واحترام الاخر وحرية التعبير ضمن الإطار الوطني وبحيث لا يترافق ذلك بالاعتداء على حرية الآخرين ، والاستعمال العقلاني والاخلاقي لوسائل التواصل الاجتماعي , التي أصبحت ضرورة ووسيلة إيجابية في حال استخدامها بإيجابية , مما يشكل قيمة مضافة الى ثقافة ومعرفة الشباب والمجتمع بشكل عام ، وإزالة مختلف العقبات التي تقف حجر عثرة في طريق تحفيز وتمكين ودعم الشباب .
3) التفعيل التشريعي والقانوني لمجمل الاعفاءات الضرورية للمنشآت والمباني المتضررة والتعويض وجبر الضرر لجميع المتضررين في سورية ، استنادا الى قانون عفو عام يتيح عودة ومشاركة أبناء سورية ، وذلك قبل البدء ببرنامج اعادة الاعمار الذي سيشارك به جميع السوريين كل حسب قدراته .
4) التحديث والتطوير لقانون خدمة العلم ، وفي مرحلة الاستقرار, يجب البحث عن تدريب الشباب (ذكور وإناث) عسكريا للدفاع عن الوطن وفِي نفس الوقت المساعدة في بناء قدراتهم العملية التنفيذية عبر ضمهم للمشاريع والبرامج الإنتاجية ضمن المؤسسة العسكرية وكل ضمن اختصاصاته التي درسها وتعلمها ، مع إعطاء نقاط إضافية وأولوية في التقديم على الوظائف العامة او الخاصة .
5) تمكين الشباب وتحفيزهم لا يعني توفير فرص العمل والحد من البطالة وتوفير القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والتكافل الاجتماعي وتوفير السكن الشبابي بأسعار تشجيعية والتقسيط المريح والضمان الصحي وإنشاء النوادي وممارسة الرياضة واحترافها وتنشيط ودعم المبدعين … وحسب ، بل يتعدى ذلك الى المساواة وتكافؤ الفرص وترسيخ مفهوم ثقافة المواطنة وسيادة القانون ( من الناحية السياسية والحقوقية ) بالإضافة الى الحد من الجهل والفقر ( من الناحية الاجتماعية – الاقتصادية ) ضمن برنامج نهضوي تنموي لسورية المستقبل يأخذ بعين الاعتبار التنمية المستدامة العادلة والمتوازنة ( وخصوصا التنمية الريفية وما يتبعها ..)
6) تنظيم برامج خاصة بالشباب وتدريبهم ( اعلام ، حوارات ، رحلات ، تثقيف ، ترفيه ، بناء القدرات ، ابداع ، تدريب ، فنون ، مرحلة المراهقة ، التعنيف …) وذلك من قبلهم بالذات ودون الطرق التقليدية السابقة ، مع توفير وجود مدربين ومنسقين لإجراء ذلك ضمن الخبرات المحلية المتوفرة او الخبرات العالمية المتخصصة .
7) ترسيخ ثقافة العمل التطوعي ودور ذلك في العمل العام والتشاركية ، ما يساهم في مشاركة الشباب الفعالة والهامة في مختلف هذه الاعمال التطوعية ( مجتمع محلي-مدني) وتؤدي الى تراكمية الخبرات والمعرفة والخدمة المجتمعية ، والعمل على الحد من الفساد ونشر ثقافة مخاطره في المجتمع والدولة، مع ضرورة الاشارة الى وضع خطط وبرامج حقيقية لتحقيق التوازن بين الدخل والانفاق في جميع القطاعات الإنتاجية .
8) انشاء مراكز إعداد القادة في المحافظات، يتم فيه استقطاب المتفوقين والمتميزين من الشباب لإعدادهم اداريا وفنيا واجتماعيا … ، ضمن المحددات التي تم ادراجها في الفقرات السابقة ، وبما يسهل مهمة استلامهم مناصب عامة او خاصة ونجاحهم في عملهم بمرونة وانسيابية .
وفي سياق مماثل, اننا نرى ان الاعتداء على سورية يوم السبت ١٤ نيسان / ابريل ٢٠١٨ من قبل الحلف الثلاثي العدواني وبمساندة إسرائيل وبعض الدول الخليجية, بحجج تتعلق بادعاءات حول استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما – بالغوطة, يأتي في سياق استمرار الحرب التدميرية على سورية منذ عام 2011والتي كانت احد عواملها تهجير الشباب السوري والكفاءات المهنية والعلمية الى الغرب , وتفريغ الوطن السوري من ابناءه وخبراتهم التعليمية والثقافية والمهنية..!
"ملاحظة: الشباب ( ذكور وإناث ) ، سن الشباب وفق تعريف الامم المتحدة (١٤-٢٩عام ) ، وفق هذه الدراسة والتحليل وضمنا بعض الدول تعتمد سن الشباب (١٥-٤٠) شريطة الا تهيمن شريحة (٣٠-٤٠) على آراء واهتمام الباقين "
سورية للجميع … وفوق الجميع …
والى لقاء اخر …
مهندس باسل كويفي
Discussion about this post