26 تشرين الثاني، 2017
إلى أولئك الذين اجتمعوا أو سيجتمعون من أجلِ سورية في كلِ مكان و أيِ مكان
إلى أولئك الذين يعتقدون أنهم الممثلون الشرعيون للسوريين .
إلى أولئك الذين يطلبُ منهم الإدعاء بأنهم الممثلون الشرعيون للسوريين
إلى أولئكَ الذين لا حول لهم و لا قوة سوى أن يقولوا نعم أو لا دون يعرفوا لماذا
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) .
أنتم مسؤولون و يوماً ما ستحاسبون فلا تكونوا شهداء زور
ما من شكٍ أن ما يجمعكم هاجسٌ واحد في غالبيتكم عندما نحسن الظن وهو استعادة سورية لألقها و قوتها و موقعها الإقليمي و قرارها الفاعل في مستقبل و مصير الشرق الأوسط الذي تشكلُ سورية الثائرة حجر الرحى لكل ما حدثَ و يحدث و سوف يحدث .
لا بد من وعي تام للحقيقة المرة بأنه لم يكن هناك في أي يومٍ من الأيام أصدقاء لسورية وهي المحاطة بالطامعين من كلِ حدبٍ و صوب ، و الجميع يريد أن يجيرَ القرار السوري لمصلحته من القوى العالمية و الإقليمية المحيطة بسورية و تأتي إسرائيل في مقدمة المخططين والمستفيدين .
من الواضح أنه لن يكون من مصلحة أيٍ من القوى العالمية أو الإقليمية استعادة سورية لصحتها و عافيتها لأن التاريخ القريب و البعيد يثبت أن سورية كانت في جميع أحوالها و بغالبية من حكمها شوكةً في حلقِ الطامعين و المتآمرين .
إن نظرةً بسيطة على جغرافية المنطقة تؤكد بوضوح أن سورية المستهدفة لن يُسمح بقيامتها و استعادتها لصحتها ، في نفس الوقت الذي تتكالبُ فيه القوى العالمية و الإقليمية بكلِ ما ملكت من قوة على تفتيت سورية و تدميرها.
لقد حان الوقت للسوريين الذين يمثلون الجذوة المتبقية على صعيد القوى البشرية التي عاشت في هذه المنطقة منذ آلاف السنين أن يحزموا أمرهم و يوطدوا عزيمتهم لاستعادة سورية لدورها المسلوب .
يضيق المجال عن الاستمرار في الحديث عن تلك الحقبة من التاريخ المعاصر و التي عشناها بكل انتصاراتها و نكساتها و التي حُرمت الأجيال الحاضرة من قراءةِ هذا التاريخ المشرق.
نحن الآن في كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج ما زلنا حتى يومنا هذا ندفع الثمن من دماء الشعوب العربية بعد أن أحكمت حلقة العداوة و انتهاج الثأر ضد هذه الأمة من كافة القوى العالمية و الاقليمية ، في هذه اللحظات لم يعد كافياً الرثاء و لا الذكرى و لا حتى البكاء ، بعد أن أسقط في يد الجماهير العربية و ضاعت توجهاتها و اختلطت أهدافها و مآلاتها ما بين الولاء لهذه القوة العالمية أو تلك و لهذه القوة الإقليمية أو تلك و نسي الحكام العرب أهمية هذه المنطقة الجغرافية كونياً فهي تقع على تلاقي ثلاث قارات و تمتلك طاقات بشرية و ثروات باطنيةهائلة .
نرى أن علينا النظر إلى نصف الكأس الملآن ، و هذا يدفعنا إلى التفكير العميق و تحليل ما ألم بنا و البحث عن نقاط التلاقي إنطلاقاً من أن المواطنة ثم المواطنة ثم المواطنة تمثل الدرع الحصين الذي سيعيد لهذه الأمة مكانتها و ثقتها بنفسها ، و لا بد من العمل على رأب الصدوع ما بين المكونات البشرية لأمتنا كيما تستطيع الوقوف مرةً ثانية و تنتصب قامتها .
في نفس الوقت لا بد من الإعتراف بأن لكلٍ من القوى الإقليمية طموحاتها التي بقيت على مر التاريخ و هذا ما يتيح لنا المجال لفهم السياسات الإيرانية و التركية و من خلفها الروسية و الأمريكية و دول الاتحاد الأوربي ، و لا ننسى الصين و دول البريكس .
مع فهمنا لهذه الطموحات و تقييمنا لها نحن نجد أن هناك تحدياً كبيراً يستصرخ السوريين للعمل على استعادة سورية الدولة لقوتها لتجدد العمل الحقيقي لأن تكون النواة الحقيقية , و نقطةَ البدء لإقامة الدولة القوية الشرق أوسطية الكبيرة التي تمتد من المحيط إلى الخليج و من جبال طوروس شمالاً إلى البحر العربي و المحيط الهندي جنوباً و إن نسينا فلا ننسى لواء الإسكندرونة و عربستان و فلسطين السليبة و جنوب السودان و التي يمكن أن ترسي قواعد الحرية و الكرامة و الديمقراطية و العدالة لمواطنيها و إذا تحقق ذلك وهو ليس بالمستحيل فستكون دولتنا الند الحقيقي التي ستعيد تاريخها الأمجد ، لا بدَ من اليقين بأن كل ما جرى و يجري على هذه الأرض الواسعة إنما يشكل حلقة محكمة في خدمة الصهيونية العالمية و دولتها إسرائيل ، فقد أخطأ الحكام العرب في العقود الماضية و في القمم العربية عندما روجوا لفكرة الحل السلمي و إقامة الدولتين في فلسطين و ما تلى ذلك من اتصالات تحت الطاولة ما بين الدولة الإسرائيلية و العديد من الأنظمة العربية و الذي تحول مؤخراً إلى العلن ، و لقد بدا واضحا بدون لبس التآمر الأخير لإقامة إسرائيل جديدة على الجانب الشمالي الشرقي لحدود دولتنا المستقبلية في ما سمي بكردستان العراق ، بالرغم من أن العراق كان قد أعطى الحكم الذاتي للأكر اد في زمن حكم الرئيس أحمد حسن البكر و نحمد الله بأن المؤامرة فشلت رغم كل الدعم من الجهات العديدة .
لم يعد خافياً على أحد ما تتعرض لهُ سورية من محاولات جادة للتغيير الديموغرافي و ذلك لتطويعها و حرفها عن مبادئها و التزاماتها ، و هنا يبرز التساؤل لدى الجميع و بعد كل ما جرى و ما وضحَ حتى الآن ،ألم يكن من الأجدى لمن يدعون الغيرة و الوطنية و الولاء للأمة ، التعامل مع القضية السورية بصورة مختلفة و بشكلٍ يرمم الخلافات و يقطع الطريق على ما آلت إليه الأمور من تدويل و مؤامرات و تغيير اتجاه البوصلة بانتقال المعارك من هنا إلى هناك ، و لمصلحة من كل هذه الدماء التي أهرقت على التراب السوري لأولئك الذين قاتلوا يوماً إسرائيل و لمصلحة من كل هذا القتل بالجملة و من كل الأطياف و المكونات و من الموالاة و المعارضة ، ثم هل كان المنطق يقتضي استقدام كل هذه المليشيات المختلفة و المتباينة و ليس داعش أو جبهة النصرة فقط ، حتى أصبحت بلادنا مسرحاً لتصفية الحسابات ما بين القوى المختلفة و لإجراء التجارب على الأسلحة الحديثة و اختبار فعاليتها .
إذا كان الإنتصار العسكري ممكنا لأي جهة فإنه سيكونُ معمدا بالدماء الغزيرة و الشهداء و على حساب أرواح الشهداء ، و ما عدا المستفيدين و الشخصانيين و تجار الحروب إضافةً إلى القوى التي كررنا ذكرها ، فإن كل المخلصين يؤمنون بضرورة إنهاء المشكلة السورية و ترك السوريين ليحلوا مشاكلهم فيما بينهم حلاً سياسياً ، و هنا يبرز دور المخلصين في العمل و تجاوز كل المصالح الشخصية و الإثنية و الطائفية و العشائرية لاستعادةِ سورية لصحتها ، لا بد من إعادة الجسور مع كل مكونات الشعب السوري ، و لا بد من الإصلاح ، لا بد من مكافحة الفساد ، لا بد من استعادة سورية لألقها و عنفوانها لتكون قيامة سورية الجديدة النواة الحقيقية لدولتنا المنشودة التي نسعى لأن تكون من المحيط إلى الخليج تحت مظلة عربية تتساوى فيها كل المكونات البشرية من خلال المواطنة التي هي من حق الجميع و التي ستكون الرد على دعوات التقسيم و الفدرلة .
فلنعمل من جديد على لئمِ الجراح و نبذ العصبيات و الخلافات و تجاوز كل الفتن و لنبني معا سورية .
Discussion about this post