نحتاج بداية جديدة نكون فيها مصدر للعلم و المعرفة والكفاءة حتى نتحول إلى شركاء نملك أدوات القوة وأسباب التقدم ، ونشارك االنسانية رخاءها بالتعاون البّناء.
الزمن متحرك وغير ثابت والمستقبل غير مضمون إن لم نتفاعل ونتحرك حسب معطياته وواقعه ، علينا تفريغ الشحنات السلبية فكرياً و جسدياً بالتأثر من الطبيعة والفن والجمال ، التي تغذي الروح للتصالح مع الذات ومع اآلخرين ، فالقوة النابذة للتطور البشري تلقي كل المتمترسين ممن ال يلتحق بركب هذا التطور خارج دائرة االنسان وحقوقه في التقدم والرفاه.
علينا أال نعود الى مفهوم الدولة قبل الوطنية التي قد تكون محاصصة بمختلف التسميات التي شكلت النسيج االجتماعي لمعظم دول المنطقة ، انطالقاً من تعزيز ثقافة المواطنة و شرعة حقوق االنسان ، وصوال لمفهوم الوحدة واالستقرار ضمن البلد الواحد.
وذلك باالبتعاد عن المنافسة السلبية والتوجه نحو االيجابية في التعاطي بالقضايا الوطنية وأن نستوعب الجميع دون استثناء ، فالوقت للمعالجة والنهوض ، واستمرار نهج التمرس بالعمل دون تطوير األداء مع اإلدعاء بالمعرفة أخطر من الجهل رغم مخاطره ، في غياب التغيير الحقيقي في فضاء األمل ، حيث تتمترس األفكار وتتكلس خلف أوهام تجاوزها الزمن وحضارات قضت عليها حواجز الالعقالنية مبتعدة عن الحكمة والعلم.
في حاضرنا الحالي يتعرض األمن المائي العربي ألخطار جسيمة ، فقرار إثيوبيا ملىء البحيرة في سد النهضة دون التوافق مع دول النيل، يهدف الى إرباك مصر وشل إرادتها ويُعرض السودان لكوارث الفيضان في حال انهيار السد ، كذلك تفعل تركيا عبر احتجاز مياه اضافية من الفرات لزيادة الضغط على سورية والعراق ، في الوقت الذي تتم فيه ممارسات خطيرة إلعادة رسم خرائط جديدة للمنطقة محورها ومحركها إسرائيل!
مصادر فلسطينية رفيعة صرحت أن عشرات الزعماء من عواصم العالم اتصلت بالرئيس الفلسطيني لمنع تداعيات الضمّ ومنع حلّ السلطة.
ونؤكد هنا أن ال سالم مع االحتالل ألي أراضٍ محتلة ، ولتحقيق السالم يتوجب عودة جميع االراضي المحتلة الى أصحابها وعودة السيادة الوطنية وتطبيق القرارات االممية والمعاهدات الدولية بهذا الخصوص.
وفِي تصريح للرئيس الروسي بوتين قائالً ، نفهم التحديات التي يواجهها الكوكب اليوم وهي تدفعنا لفهم القيم الرئيسية في الحفاظ على االنسان.
في هذا اإلطار لعل فحوى استراتيجية الدبلوماسية الروسية وخبرتها في سياسة الشرق االوسط أن تصل للقدرة على تحقيق االستقرار والسالم في المنطقة ، جوهره حل الصراع العربي – االسرائيلي وفق قرارات الشرعية الدولية بما ينعكس على الدفع بمسارات الحلول السياسية المحلية واالقليمية المبنية على رؤية لعقد اجتماعي متوازن يحقق تمسك المواطنين بأوطانهم ) سورية- العراق – اليمن – ليبيا ..( ودول قوية قادرة على تحقيق االستقرار والسالم والنهوض بمهام التنمية.
ال شك في أن الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة هي الشكل األمثل والمالئم في دول المنطقة ، بسبب التنوع القومي والديني …ألنها تتوافق مع العصر والعالم، وتمارس دورًا وظيفيًا محايدًا بوقوفها على مسافة واحدة من جميع األديان والطوائف والقوميات واأليديولوجيات واألحزاب والطبقات، وتعزز الحريات وعمل المجتمع المدني ، وتقوم بالفصل وعدم التداخل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وان يتم فصل السلطة التشريعية بمجلسي النواب ) النخب .. (والحكماء ) باقي الفئات المجتمعية ( منتخبة بشفافية من الشعب وفق قانون انتخابات حديث يحقق النزاهة والمساواة .. لممارسة دورهم الحقيقي في تشريع القوانين والرقابة على عمل السلطة التنفيذية ، والتنسيق مع السلطة القضائية المستقلة لموائمة القوانين مع الدستور وتحديثها لتتواكب مع التطور والحداثة.
إن الأعباء التي ترزح تحتها معظم دول المنطقة ، ) السياسية واألقتصادية والمالية واألجتماعية والثقافية ( ، أصبحت عميقة ومعقدة ، أعتقد انه آن األوان إلتخاذ القرارات الجريئة، على مختلف الصعد باستراتيجية جامعة شاملة تعيد تحديد شكل الدولة وهويتها مع تعيين نسق روابط جديدة بين الفرد والسلطة و المجتمع والدولة .
جهات أقليمية ودولية تشدد على الحل السياسي بوصفه المخرج الوحيد لوقف الصراعات المحلية واالقليمية بالمنطقة ، وفي ظل هذه التطورات، شدد المشاركون في المؤتمر الرابع للمانحين لسوريا في بروكسل 30
يونيو / حزيران، على أن الحل السياسي وفق قرار مجلس األمن 2254 هو الطريق الوحيد إلنهاء األزمة والحد من معاناة السوريين، مشيرين إلى أن زيادة التدخالت األجنبية في الصراع السوري فاقم كثيراً من األمور، وخاصة على الصعيد اإلنساني.
وقالت األمم المتحدة ان الدول المانحة ساهمت بـ 7.7 مليار دوالر كمساعدات للشعب السوري، ومن شأن األموال الموعودة أن تتيح مساعدة نحو 12 مليون سوري لجأوا إلى دول مجاورة او نزحوا داخل بالدهم، وفق المفوضية العليا لالجئين.
كما أكد المبعوث األمريكي الخاص إلى سوريا، “جيمس جيفري ” أن الواليات المتحدة تتواصل أحياناً مع روسيا حول مسألة التسوية في سوريا، لكنها ال تعتبر “صيغة أستانا” فعالة.
وقال جيفري خالل مؤتمر صحفي عبر الهاتف “كثيراً ما نجري مناقشات مع روسيا بشأن السبل الممكنة إلنهاء الصراع، لكننا ال نتواصل مع )مجموعة أستانا( ككل، وبالطبع ليس لدينا أي عالقة عمل أو تواصل مع إيران.”
بدوره أعلن مبعوث األمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، أن لجنة مناقشة الدستور ستجتمع في جنيف نهاية آب/ أغسطس المقبل.
وقال بيدرسن في كلمة ألقاها خالل “مؤتمر بروكسل للمانحين الدوليين لالجئين والمهجرين السوريين” الذي ينظمه االتحاد األوروبي بالتعاون مع األمم المتحدة، “ستجتمع اللجنة في جنيف في نهاية آب/ أغسطس، وأتمنى أن تجتمع بشكل منتظم ودوري.”
وخالل البيان الختامي لقمة ضامني آستانة يوم االربعاء1 يوليو / تموز التي جمعت رؤساء )روسيا وإيران وتركيا( عبر تقنية الفيديو )الكونفرانس(، قالت تلك األطراف “أن الدول الضامنة ستواصل جهودها إليجاد حل سياسي لألزمة في سوريا.”
وبحسب بيانهم جددت األطراف “التزامها بوحدة واستقالل وسيادة وسالمة األراضي السورية ورفض أي محاوالت لبناء واقع جديد في سورية تحت ذريعة مكافحة اإلرهاب.”
وسبق أن أكد الرئيسان الروسي فالديمير بوتين واإليراني حسن روحاني على مواصلة بلديهما دعم سوريا في حربها على اإلرهاب حتى دحره نهائياً مشددين في الوقت ذاته على أنه ال بديل من الحل السياسي لالزمة فيها.وأضاف الرئيس بوتين، أن العقوبات الغربية واألمريكية تنتهك القوانين الدولية.
-إن تعزيز االستقرار ومتطلبات العمل السياسي المتغيرة يستدعي التفاعل بالعالقات الدولية وتحسينها وتوسيع دائرتها عبر آليات التوازن والمصالح المشتركة ) جيو اقتصادية – توازن القوى – المنظور المستقبلي – توجهات واقعية المبادرة والتطوير – ثقافة االنفتاح على العالم …( بما يساهم في تمكين دولة قوية قادرة على ارساء سيادتها وفق القانون الدولي وقواعده الناظمة.
إن النظرة العقالنية للمستقبل يستدعينا الى تصويب البوصلة نحو برنامج وطني جامع يحافظ على وحدة سورية وسيادتها واستقاللها من االحتالل واالرهاب ، ويكون الشعب هو مصدر السلطات لدولة المواطنة والمساواة وسيادة القانون.
ينبغي العمل الجاد إليجاد مخرج آمن ومرن يلبي طموحات الشعب السوري ويتوافق مع قرار مجلس األمن رقم 2254 الذي يحظى بقبول اقليمي – دولي ووافقت السلطة السورية عليه ، وبالتعاون مع كل السوريين متعددي الطيف في الداخل والخارج الذين يؤمنون بالحفاظ على سورية بكافة مقوماتها الجغرافية والمجتمعية والسيكولوجية ، ومكوناتها االثنية التي شكلت حضارتها ونسيجها االجتماعي على مر الزمان . وصوالً الى وطن يتسع لجميع ابناءه يتمتعون فيه بالحرية والديموقراطية والرخاء.
وبما يعزز السلم االهلي والعدالة وتكافؤ الفرص والتنمية المستدامة والمتوازنة للحد من التخلف والجهل والفقر وتوزيع الثروة بعدالة والتي تعتبر وتشكل أهم حوامل التماسك االجتماعي ، تضمن بقاء االنسان واستمراره وتأمين الحياة الكريمة لكل فرد باعتباره اللبنة األولى لبناء مجتمع آمن ، والوصول الى االمن والسالم المستدام.
سورية للجميع … وفوق الجميع…
والى لقاء آخر…
مهندس باسل كويفي
Discussion about this post